وسليمان بن عبد الرحمان الدمشقيان، وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشئ، قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم، حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي، وأنا يومئذ غلام شاب، فقال: مرحبا بك وأهلا يا بن أخي سل عما شئت، فسألته وهو أعمى، وجاء وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها، يعنى ثوبا ملفقا، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده فعقد تسعا، ثم قال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل بمثل عمله، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه حتى أتينا ذا الخليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ فقال: " اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي " فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، قال جابر: نظرت إلى مد بصرى من بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعلم تأويله، فما عمل به من شئ عملنا به، فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك " وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته، قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت، قال: فكان أبى يقول: قال ابن نفيل وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين ب (قل هو الله أحد) وب (قل يا أيها الكافرون) ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) " نبدأ بما بدأ الله به " فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فكبر الله ووحده وقال: " لا