" أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلم: يا معاوية أسرقت صلاتك؟ أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجدا " (1).
فأخذت الأقلام الأموية انتصارا لهذا العمل افتعال أحاديث إما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإما على الصحابة الكرام، قال النيسابوري في تفسيره بعد أن ذكر تعارض الروايات: " ففيها تهمة أخرى وهي أن عليا (رضي الله عنه) كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما كان زمن بني أمية بالغوا في المنع من الجهر سعيا في إبطال آثار علي بن أبي طالب، فلعل أنسا (2) خاف منهم، فلهذا اضطربت أقواله (3). وأيضا من المعلوم أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقدم أولي الأحلام والنهى والأكابر والعلماء على غيرهم، ولا شك أن عليا وابن عباس وابن عمر كانوا أعلى حالا من أنس وابن المغفل... ويؤيدها عمل علي بن أبي طالب " (4).
فليس لأحد أن يقول: إن البسملة نزلت في طس فقط ولم تنزل قبلها، فما قاله الحلبي بعد ذكره ما نقلناه آنفا: " وهذا السياق يدل على تأخر نزول الفاتحة عن هذه الآيات، لأن البسملة نزلت أولها " واضح البطلان، لأن البسملة كانت في أول كل سورة، وأن رسول الله يقرأ الفاتحة في صلاته قبل أن تنزل طس.