كما أن إظهاره العدل والزهد في حكومته لعله كان لتثبيت الحكومة الأموية المروانية، لما أحس من نفرة المسلمين عنهم، لظلمهم وفسقهم وميلهم إلى ما يروى من عدل علي (عليه السلام)، فأظهر الزهد والعدل لجلب قلوب الناس وتأليفهم، ومنع عن سب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لإرضاء شيعته وأهل بيته.
ويشهد لذلك ما رواه في بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله بن عطاء التميمي قال: " كنت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في المسجد، إذ مر عمر بن عبد العزيز عليه من فضة، وكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا عبد الله أترى هذا الشاب المترف؟ إنه لن يموت حتى يلي أمر الناس، قال:
قلت: هذا الفاسق؟ قال: نعم فلم يلبث إلا يسيرا حتى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء واستغفر له أهل الأرض " (1).
وإن شئت الوقوف على أزيد مما ذكرنا، فراجع ابن أبي الحديد 15: 254 - 256 حتى تعرف حرصه على الرئاسة وقسوته وفسقه.
نعم كان يتظاهر بالصلاح والفلاح ويتحبب إلى الناس، ويتحبب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم بل كان قد يتشيع كما نقله الأغاني (راجع قاموس الرجال 7:
213) ومن هذا القبيل رده فدك إلى ولد فاطمة (عليها السلام).
وبالجملة رأى أن حكومة بني أمية وبني مروان اللتين بنيتا على بناء قريش في الخلافة وأهدافها صارت منفورا عنها مطرودة، وأن المسلمين سوف يرجعون إلى أهل البيت (عليهم السلام)، والحكومة الموجودة الأموية والمروانية سوف تذهب، فقام بحفظها بإظهار العدل، ورد المظالم، وإظهار الزهد والتقشف في الحياة، وتحبب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم برد فدك والمنع عن سب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم بعد أن مهد