يخالف سبيل الصحابة في الحفظ والاعتماد على الذاكرة... وها هو ذا الضحاك بن مزاحم أباح الكتابة سابقا... وها هو ذا يقول: " يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف بغباره لا ينظر فيه... " (1) يقول ابن الصلاح: " ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الحاضرة " (2).
ولعله إلى ذلك يشير ما تقدم عن أبي رية وعن الذهبي أنهم شرعوا في الكتابة سنة 105 أو 110 أو أول الدولة العباسية أو سنة 143 أو غير ذلك.
3 - الذي يظهر من تصفح الآثار وسبر الأخبار أنهم جمعوا الأحاديث النبوية وما جاء عن الصحابة أيضا، قال صالح بن كيسان: " اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه، فإنه سنة وقلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت ".
وفي رواية: " عن صالح: كنت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شئ سمعنا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: اكتب بنا ما جاء عن أصحابه فقلت: لا ليس بسنة، وقال هو بل هو سنة، فكتب ولم أكتب فانجح وضيعت (3).
بل اشتغلوا بكتابة فتيا التابعين أيضا حتى قال مجاهد لأصحابه: " لا تكتبوا