كان حسب طبع الحال بعد قصة السقيفة اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في مسألة الخلافة، واحتجاج عدة منهم على أبي بكر بما سمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو سمعه عن آخرين، إذ الاختلاف وقتئذ لم يكن إلا في حادثة الخلافة لا سيما بعد يوم الغدير، ولم يكن التشاجر والتقاول إلا في ذلك (1)، ولكن الخليفة نهى عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مطلقا قائلا: " فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله " وبعبارة أخرى:
قولوا حسبنا كتاب الله كما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك العمل في حديث الأريكة (2)، وذلك مع أنه أحرق خمسمائة حديث (3).
واقتفى أثره الخليفة الثاني، فأحرق الأحاديث أجمع حتى كتب إلى الأمصار يأمر بالإحراق ومنع عن نقل الحديث ونشره، ولابد من ذكر النصوص:
1 - روى قرظة بن كعب قال: " خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى صرار (4) فتوضأ، ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مشيت معنا، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تبدأوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جردوا القرآن (5) وأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وامضوا وأنا شريككم، فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا قال: نهانا ابن الخطاب " (6).