2 - منها أنهم فكروا ودبروا في إبطال كل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فضائل أهل بيته ومثالب أعدائهم، وقالوا لعبد الله بن عمرو بن العاص: لا تكتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنه بشر يغضب ويتكلم في إثر الغضب أو يرضى عن شخص فيتكلم على وفق رضاه يعني: أقواله تابعة لهواه (والعياذ بالله) دون الحق والواقع، وهذا نص الحديث:
قال عبد الله: " كنت اكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك وقالوا: تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتكلم في الرضا والغضب؟ قال: فأمسكت وذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فأشار بيده إلى فيه فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج إلا حق ".
هذا كلام قريش المهاجرين أي: الرؤساء والملأ منهم أو عامتهم يمنعون عن كتابة الحديث معللين بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الرضا والغضب يعنون أنه (صلى الله عليه وآله) يتكلم في حالتي الرضا والغضب بما تقتضيه هاتان الحالتان في الإنسان العادي إذا رضي أخرجه رضاه عن الحق وكذا إذا غضب فما تكلم به في الحالتين ينشأ عنهما بعيدا عن الحق، وبعبارة أخرى أنه غير معصوم وأنه ينطق عن الهوى.
واستنتجوا من ذلك:
أولا: التحطيم لمقام النبوة السامي والحط عن شخصية النبي (صلى الله عليه وآله) وجعله في عداد الناس.
ثانيا: نفي الحجية عن كلامه (كما قالوا: حسبنا كتاب الله) في بيان فضل إنسان ومدحه، وبيان ولايته ووجوب طاعته أو بيان مثالبه وعيوبه.
ثالثا: لا يعتنى بما عاهد أو كتب، فلا أثر عندئذ فيما قاله في فضائل عترته وولايتهم، ولا في ما قال في ذم أشخاص ومثالبهم من المنافقين والفاسقين.