قال الخطيب في تقييد العلم: 70 و 71 " وفي وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكتاب أنه قيد العلم دليل على إباحة رسمه في الكتب (1) لمن خشي على نفسه دخول الوهم في حفظه وحصول العجز عن إتقانه وضبطه، وقد أدب الله سبحانه عباده بمثل ذلك فقال عز وجل: * (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا) * فلما أمر الله تعالى بكتابة الدين حفظا له واحتياطا عليه وإشفافا من دخول الريب فيه كان العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى أن تباح كتابته خوفا من دخول الشك والريبة ويشك فيه ".
أقول: إن كان الأمر مولويا يفيد الوجوب في الدين فهو هنا آكد لأهمية أصول الدين وفروعه، وإن كان إرشادا يفيده فهو هنا أيضا آكد ويمكن أن يقال: إذا قلنا بالاستحباب في الأموال نستفيد منه الوجوب هنا، لمكان العلل المذكورة، لأن دفع الريب في الدين واجب قطعا، وأن الأمر إرشاد إلى ما يحكم به العقل، فحكم العقل في وجوب حفظ الدين واضح لامرية فيه (2).