وعن زيد: فكنت أكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كتب إليهم (أي اليهود). وقد أكثر المحدثون والمؤرخون عن زيد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمره بتعليم العبرانية أو السريانية أو الفارسية، وقد حقق حول هذا النقل العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي دامت إفاضاته تحقيقا دقيقا في كتابه القيم الصحيح من سيرة النبي الأعظم 5: 14 بذكر مصادره أولا وذكر المناقشات والأسئلة حوله ثانيا، ولا بأس بذكر ما حققه إيعازا واختصارا:
إن المطالع في التأريخ الإسلامي ولكتب التراث بصورة عامة يجد الكثير من الأمور أصبحت من الشيوع والذيوع بحيث بدت من الحقائق الثابتة التي لا تقبل الجدل ولا يجوز أن تخضع للمناقشة، وأصبح الكتاب والمؤلفون يرسلونها إرسال المسلمات.. مع أن نفس هذه القضايا لو أخضعها الباحثون للبحث وللتحقيق والتمحيص لخرجوا بحقيقة أنها من الأمور الزائفة المجعولة التي وضعتها الأهواء السياسية والتعصبات المذهبية أو العرقية أو غيرها... وقد يجوز لنا أن ندعي: أن ما يروى من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة العبرانية أو السريانية...
يصلح مثالا لهذا الأمر... فقال بعد ذكر المصادر الكثيرة:
فإن لنا في تلكم الروايات ملاحظات عدة توجب لنا الشك:
الف: أننا نجدها مختلفة فيما بينها.. فواحدة تقول: انه أمره بتعلم السريانية وأخرى العبرانية، بل قد وقع الترديد بينهما حتى في الرواية الواحدة، ورواية تذكر أنه تعلمها في أقل من نصف شهر، وأخرى أنه تعلمها في خمسة عشر يوما وثالثة في سبعة عشر يوما ورابعة في ثمانية عشر يوما.. (إن أمكن ذلك عقلا).
ورواية تقول: أنه أمره بتعلمها، لأنه لا يأمن اليهود على كتابه، وأخرى تقول لأنه تأتيه كتب لا يحب أن يطلع عليها كل أحد.