المناظرات في الإمامة - الشيخ عبد الله الحسن - الصفحة ١٠٤
قلت: ولم؟!
قال: إن الله يقول: لا يمسه إلا المطهرون (1). يعني لا يناله كله إلا المطهرون، إيانا عنى، نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا (2)، وقال: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا (3).
(١) سورة الواقعة: الآية ٧٩.
(٢) إشارة إلى الآية الشريفة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الأحزاب ٣٣، وقد تقدمت تخريجات نزولها فيهم - عليهم السلام -.
(٣) سورة فاطر: الآية ٣٢.
فقد ذكروا أنها نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - راجع، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ٢ ص ١٥٥ - ١٥٧ ح ٧٨٢ - ٧٨٣، غاية المرام للبحراني ص ٣٥١.
وجاء في ينابيع المودة ب ٣٠ ص ١٠٣ (في تفسير قوله تعالى ومن عنده علم الكتاب) عن المناقب: سئل علي عليه السلام - أن عيسى بن مريم كان يحيي الموتىوسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، هل لكم هذه المنزلة، قال إن سليمان بن داود - عليهما السلام - غضب على الهدهد لفقده لأنه يعرف الماء ولا يعرف سليمان الماء تحت الهواء مع أن الريح والنمل والإنس والجن والشياطين والمردة كانوا له طائعين وأن الله يقول في كتابه (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قي عت به الأرض أو كلم به الموتى) سورة الرعد: الآية ٣١، ويقول تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) سورة فأي ر: الآية ٢ ٣، فنحن أورثنا هذا القرآن الذي فيه ما يسير به الجبال، وقطعت به البلدان، ويحي به الموتى، ونعرف به الماء، وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شئ.
أضف إلى ذلك أنه بعد أن ثبت لدى الجمهور أن قوله تعالى: ومن عنده علم الكتاب) سورة الرعد: الآية ٤٣، المراد به هو أمير المؤمنين علي - عليه السلام - نعلم بالضرورة أنه هو المراد بمن أورثه الله الكتاب في قوله تعالى: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومن هم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) قال الشيخ محمد الحسن المظفر (قدس سره) في كتابه دلائل الصدق ج ٢ ص ١٦٥:
ويشهد أيضا لإرادة علي بمن أورثه الكتاب واصطفاه، الأخبار المستفيضة الدالة على أن عليا مع القرآن والقرآن معه، فإن المعية تستدعي أن يكون علم القرآن عنده وأنه وارثه.
وقال في ص 166: فإن قلت: لا يمكن أن يراد وحده أو مع الأئمة خاصة لأنهم معصومون عندكم، والآية قسمت من أورثه الله الكتاب واصطفاه إليه الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات فيتعين أن يراد بالآية مطلق المؤمنين.
قلت: التقسيم راجع إلى العباد والضمير في قوله تعالى: فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات عائد إلى قوله تعالى: عبادنا، لا لمن أورثه الكتاب واصطفاه منهم، إذ لا يصح تقسيم من اصطفاه إلى الظالم وغيره، ولا شمول من أورثه الكتاب لكل مؤمن عالم وجاهل، فهي نظير قوله تعالى في سورة الحديد: ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون سورة الحديد: الآية 6 2.