من عمل عليه كما جرى للملائكة وهم أفضل اختيارا من بني آدم لما عارضوا الله جل جلاله في أنه جعل آدم خليفة وقالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) (1)، فلما كشف لهم حال آدم - عليه السلام - رجعوا عن اختيارهم لعزل آدم، وقالوا: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا) (2)، وكما جرى لآدم الأكل من الشجرة، وكما جرى لموسى في اختياره سبعين رجلا من خيار قومه للميقات، ثم قال عنهم بعد ذلك: (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) (3)، حيث قالوا: (أرنا الله جهرة) (4).
وكما جرى ليعقوب - عليه السلام - في اختياره أولاده لحفظ ولده يوسف، وغيره من اختيار الأنبياء والأوصياء والأولياء وظهر لهم بعد ذلك الاختيار ضعف تلك الآراء، فإذا كان هؤلاء المعصومون قد دخل عليهم في اختيارهم ما قد شهد به القرآن والإجماع من المسلمين فكيف يكون اختيار غيرهم ممن يعرف من نفسه أنه ما مارس أبدا خلافة ولا أمارة ولا رياسة حتى يعرف شروطها وتفصيل مباشرتها فيستصلح لها من يقوم لها وما معه إلا ظن ضعيف بصلاح ظاهر من يختاره.
وهل يقبل عقل عاقل وفضل فاضل أن قوما ما يعرفون مباشرة ولا مكاشفة تفصيل ما يحتاج إليه من يختارونه فيكون اختيارهم لأمر لا يعرفونه حجة على من حضر وعلى من لم يحضر، أما هذا من الغلط