إسقاطه: أن الرواية جاءت عن أنس بن مالك أنه قال:
لما دعا رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن يأتيه الله تعالى بأحب الخلق إليه، قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار ليكون لي الفضل بذلك، فجاء علي - عليه السلام - فرددته، وقلت له: رسول الله على شغل، فمضى ثم عاد ثانية فقال لي: استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فقلت له: إنه على شغل، فجاء ثالثة فاستأذنت له ودخل، فقال له النبي - صلى الله عليه وآله -: قد كنت سألت الله تعالى أن يأتيني بك دفعتين، ولو أبطأت علي الثالثة لأقسمت على الله عز وجل أن يأتيني بك.
فلولا أن النبي - صلى الله عليه وآله - سأل الله عز وجل أن يأتيه بأحب خلقه إليه في نفسه وأعظمهم ثوابا عنده، وكانت هذه من أجل الفضائل لما آثر أنس أن يختص بها قومه، ولولا أن أنسا فهم ذلك من معنى كلام الرسول - صلى الله عليه وآله - لما دافع أمير المؤمنين - عليه السلام - عن الدخول، ليكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار فيحصل له جزء منه.
وشئ آخر: وهو أنه لو احتمل معنى لا يقتضي الفضيلة لأمير المؤمنين - عليه السلام - لما احتج به أمير المؤمنين - عليه السلام - يوم الدار، ولا جعله شاهدا على أنه أفضل من الجماعة، وذلك أنه لو لم يكن الأمر على ما وصفناه وكان محتملا لما ظنه المخالفون من أنه سأل ربه تعالى أن يأتيه بأحب الخلق إليه في الأكل معه لما أمن أمير المؤمنين - عليه السلام - من أن يتعلق بذلك بعض خصومه في الحال، أو يشتبه ذلك على إنسان، فلما احتج به - عليه السلام - على القوم واعتمده في البرهان دل على أنه لم يك مفهوما منه إلا فضله، وكان إعراض الجماعة أيضا عن دفاعه عن ذلك بتسليم ما ادعى دليلا على صحة ما ذكرناه، وهذا بعينه