وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى، وفاز فوزا عظيما، ومن يعصهما - 1 - فقد ضل ضلالا بعيدا.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت، وأحذركم الدنيا التي لم يمتع بها أحد قبلكم، ولا تبقى لاحد بعدكم، فسبيل من فيها سبيل الماضين من أهلها، الا وانها قد تصرمت، وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها، وأصبحت مدبرة مولية (حداء - خ ك) فهي تهتف بالفناء (وساكنها يحدا - خ) وتصرخ بالموت، وقد امر منها ما كان حلوا وكدر، منها ما كان صفوا، فلم يبق منها الا شفافة كشفافة الانآء، وجرعة كجرعة الإداوة - 2 - لو تمززها - 3 - الصديان لم تنقع غلته. فأزمعوا عباد الله على الرحيل - 4 - عنها واجمعوا متاركها، فما من حي يطمع في بقاء، ولا نفس الا وقد أذعنت للمنون، ولا يغلبنكم الأمل، ولا يطل عليكم الأمد، فتقسوا قلوبكم، ولا تغتروا بالمنى، وخدع الشيطان وتسويفه فان الشيطان عدوكم حريص على اهلاككم، تعبدوا لله عباد الله أيام الحياة، فوالله لو حننتم حنين الواله المعجال - 5 - ودعوتم دعاء الحمام، وجأرتم جؤار مبتلى - 6 - الرهبان وخرجتم إلى الله عز وجل من الأموال والأولاد التماس القربة اليه في ارتفاع درجة (عنده - خ) وغفران سيئة أحصتها كتبته، وحفظتها رسله، لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه، وتخشون من عقابه، وتالله لو انماثت قلوبكم انمياثا، وسالت من رهبة الله عيونكم دما - 7 - ثم عمرتم عمر الدنيا، على أفضل اجتهاد وعمل، ما جزت أعمالكم