ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين، ويعلم ما يعمل العاملون، وأي مجرى يجرون والى اي منقلب ينقلبون، ونستهدي الله بالهدى، ونشهد ان محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه، وأمينه على وحيه، وانه قد بلغ رسالات ربه، وجاهد - 1 - في الله الحائدين عنه، العادلين به وعبد الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى اتاه اليقين.
أوصيكم بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة، ولا تنفد منه رحمة. ولا يستغنى العباد عنه، ولا تجزى أنعمه الاعمال - 2 - الذي رغب في التقوى وزهد في الدنيا وحذر المعاصي، وتعزز بالبقاء وذلل خلقه بالموت (والفناء - خ) والموت غاية المخلوقين، وسبيل العالمين ومعقود بنواصي الباقين، (و - خ) لا يعجزه إباق الهاربين، وعند حلوله يأسر - 3 - اهل الهوى يهدم كل لذة، ويزيل كل نعمة ويقطع كل بهجة، والدنيا دار كتب الله لها الفناء، ولأهلها منها الجلاء، فأكثرهم ينوى بقائها، ويعظم بنائها وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب والتبست بقلب الناظر، وتضنئ - 4 - ذو - 5 - الثروة (و - خ) الضعيف ويحتويها الخائف الوجل فارتحلوا منها، يرحمكم الله بأحسن ما بحضرتكم ولا تطلبوا منها أكثر من القليل ولا تسألوا منها فوق الكفاف، وارضوا منها باليسير، ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به، واستهينوا بها، ولا توطنوها واضروا بأنفسكم فيها وإياكم والتنعم والتلهي والفاكهات، فان في ذلك غفلة واغترارا.
ألا إن الدنيا قد تنكرت، وأدبرت، واحلولت - 6 - وآذنت بوداع - 7 - ألا وان الآخرة قد رحلت، فأقبلت وأشرفت، وآذنت باطلاع، ألا وان المضمار اليوم، والسباق غدا، الا وان السبقة الجنة والغاية النار الا - 8 - فلا تائب من خطيئته قبل