وسنده أن معين الاشتباه لا يمكن تعقله في المحل الملاقي، لما بيتا من أن شرطه تكافؤ الاحتمالين على وجه يكون احتمال النجاسة ناقلا عن حكم الأصل بالقطع بوقوع النجاسة في الشيئين اللذين هذا أحدهما كما عرفت، والشرط منتف هاهنا فينتفي الاشتباه، وهذا بحمد الله واضح عند من له أدنى بصيرة.
وأما ما ذكره شيخنا العلامة في المنتهى، فإن كان الحجة مجرد ذكره فهو من الطائف، لأن العاجز عن الدليل شأنه أن يتمسك بما ليس بدليل.
وإن كان الحجة في دليله، فأنت إذا نظرت إلى دليله في قوله: وكذا لو استعمل أحدهما وصلى به لم تصح صلاته ووجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقن الطهارة كالنجس (1. فإن هذا في قوة ما ذكره أولا في المسألة التي قبل هذه من قوله: لأنه ما يجب اجتنابه فكان كالنجس (2.
فإنه إن أراد بهذا التشبيه القياس، بأن يكون الفرع هو المشتبه، والأصل هو النجس، والجامع الذي هو المشترك وجوب الاجتناب، والحكم هو وجوب غسل ما أصابه، رددناه أولا: بأنه قياس، وبعد تسليم قبوله يمنع تعليل الحكم في الأصل بما ادعى عليه، ويمنع وجود العلة بعينها في الفرع، لأن الموجود فيه ليس هو مطلق وجوب الاجتناب، بل وجوب الاجتناب في الأمر المشروط بالطهارة، فلا يصلي في الثوب المشتبه، ولا يسجد على الأرض المشتبهة.
وإن أراد به بأن الشارع ساوى بين المشتبه والنجس، فلا صحة فيه، لأن المساواة لا تقتضي العموم كما هو مبين في الأصول، وببعض الوجوه لا تفيد، إذ تكفي حينئذ المساواة في حكم من الأحكام، ولا يتعين ما ذكره.
وإن كان المراد الاستيناس لذلك بقوله رحمه الله، فناهيك به جلالة وعظما،