لا بل هو انكار لما أقر الطرف فلو قال أحد المتابعين للاخر لك الخيار في هذه المعاملة فنفى ذلك الاخر وقال ليس لي هذا الحق أو قال هذا المال لك أو قال: لك علي كذا من الدنانير فقال في جواب الأول ليس هذا المال لي و [في] جواب الثاني:
ليس لي عليك شئ أو ورثة الميت قالوا له أنت أخونا من هذا الأب الميت فأنكر هو وقال لست ابنا لهذا الميت كي أكون أخاكم. ولا شك في أن النفي في هذه الموارد مستتبع للضرر عليه فإن كان النفي اقرارا يكون من مصاديق - اقرار العقلاء على أنفسهم جائز - فلو صدق المقر بعد النفي أي رجع عن نفيه يكون من الانكار بعد الاقرار ولا يسمع.
واما لو يكن النفي في هذه الموارد وما يشبهها اقرارا فلا دليل على نفوذ هذه الانكارات فالاقرارات من ذلك المقر باق بحالها والنفي لم يؤثر فيها فإذا رجع عن انكاره وصدق المقر يكون له هذه الأمور ويؤخذ المقر باقراراته المفروضة.
والظاهر أن النفي في الموارد المذكورة - وما يماثلها حيث إنه مستتبع للضرر عليه، يكون اقرارا على نفسه ولا يرى العرف فرقا في صدق الاقرار بين أن يكون ما أقر به وجود صفة أو يكون عدم تلك الصفة فكما انه لو اعترف بأنه فاسق مرتكب للكبائر يكون هذا اقرارا على نفسه كذلك لو قال بأنه ليس بعادل أو اعترف انه ليس بمجتهد يكون هذا أيضا اقرارا على نفسه.
فبناء على امارية الاقرار على النفس لاثبات ما أقر به يكون الاقراران من الامارتين المتعارضتين وبعد عدم الترجيح لإحداهما على الأخرى تتساقطان فلا يؤخذ كل واحد منهما باقراره لا المقر ولا النافي.
فإذا رجع النافي عن نفيه وصدق المقر فإن كان المقر باقيا على اقراره فيكون كاقرار جديد بلا معارض فيؤخذ باقراره وان لم يكن باقيا على اقراره يدخل في باب الدعاوي وتنطبق عليه موازين القضاء من جديد.