حتى أقتله وآخذ سلبه. فهذا يدل على أن طلب العرض من الدنيا مع الجهاد كان أمرا معلوما جوازه للصحابة فيدعون الله بنيله.
9 - (وعن عبد الله بن السعدي رضي الله عنه) هو أبو محمد عبد الله بن السعدي وفي اسم السعدي أقوال، وإنما قيل له السعدي لأنه كان مسترضعا في بني سعد، سكن عبد الله الأردن، ومات بالشام سنة خمسين على قول، له صحبة ورواية. قاله ابن الأثير. ويقال فيه ابن السعدي نسبة إلى جده ويقال فيه: ابن الساعدي كما في أبي داود (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو رواه النسائي وصححه ابن حبان). دل الحديث على ثبوت حكم الهجرة وأنه باق إلى يوم القيامة، فإن قتال العدو مستمر إلى يوم القيامة، ولكنه لا يدل على وجوبها، ولا كلام في ثوابها مع حصول مقتضيها، وأما وجوبها ففيه ما عرفت.
10 - (وعن نافع) هو مولى بن عمر، يقال: أبو عبد الله نافع بن سرجس بفتح السين وسكون الراء وكسر الجيم، كان من كبار التابعين من أهل المدينة سمع ابن عمر وأبا سعيد وهو من الثقات المشهورين بالحديث المأخوذ عنهم مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل عشرين (قال: أغار رسول الله (ص) على بني المصطلق) بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف بطن شهير من خزاعة (وهم غارون) بالغين المعجمة وتشديد الراء جمع غار أي غافلون على غرة (فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم. حدثني بذلك عبد الله بن عمر. متفق عليه وفيه: وأصاب يومئذ جويرية) فيه مسألتان: الأولى: الحديث دليل على جواز المقاتلة قبل الدعاء إلى الاسلام في حق الكفار الذين قد بلغتهم الدعوة من غير إنذار، وهذا أصح الأقوال الثلاثة في المسألة وهي: عدم وجوب الانذار مطلقا، ويرد عليه حديث بريدة الآتي. والثاني: وجوبه مطلقا، ويرد عليه هذا الحديث. والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم ولكن يستحب. قال ابن المنذر: وهو قول أكثر أهل العلم، وعلى معناه تظاهرت الأحاديث الصحيحة وهذا أحدها، وحديث كعب بن الأشرف، وقتل ابن أبي الحقيق وغير ذلك. وادعى في البحر الاجماع على وجوب دعوة من لم تبلغ دعوة الاسلام. والثانية: في قوله: فسبى ذراريهم دليل على جواز استرقاق العرب لان بني المصطلق عرب من خزاعة، وإليه ذهب جمهور العلماء وقال به مالك وأصحابه وأبو حنيفة والأوزاعي. وذهب آخرون: إلى عدم جواز استرقاقهم وليس لهم دليل ناهض، ومن طالع كتب السير والمغازي علم يقينا استرقاقه صلى الله عليه وسلم للعرب غير الكتابيين كهوازن وبني المصطلق، وقال لأهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء وفادى أهل بدر، والظاهر أنه لا فرق بين الفداء والقتل والاسترقاق لثبوتها في غير العرب مطلقا، وقد ثبتت فيهم ولم يصح تخصيص ولا نسخ. قال أحمد بن حنبل: لا أذهب إلى قول عمر ليس على عربي ملك. وقد سبى النبي (ص) من العرب كما ورد