الشخصية أهمية اجتماعية خاصة، تكسبها مزيدا من الاهتمام التأريخي بها.
إننا لن نتحدث عن " الموقع الاجتماعي " للعلامة، وانعكاسات الوضع السياسي على نشاطه، حيث توفرت المصادر التي تعنى بالسيرة والتأريخ على هذا الجانب، كما لن نتحدث عن نشاطه العلمي بعامة، ومساهمته الفذة في نشر المذهب، ولن نتحدث عن مجمل نشاطه الذي يحوم على الجانب الثقافي، فيما يقول عنه مترجموه بأن حصيلة ذلك أكثر من مائة كتاب أو يزيد على ذلك، لن نتحدث عن ذلك كله، بل نحصر حديثنا في صعيد النشاط الفقهي المتمثل في أحد كتبه فحسب، وهو: " المنتهى " دون مصنفاته الأخرى التي قد تتماثل منهجا وممارسة في بعض الجوانب، مثل: " التذكرة " و " المختلف " فيما يتميز كل منهما بسمات خاصة قد نعرض لها عابرا خلال حديثنا عن الكتاب المشار إليه.
(2) " المنتهى " كتاب ضخم يتشح بطابعين هما: " الاستدلال " و " المقارنة ". أما " الاستدلال " فإن التأريخ الفقهي الذي سبق " العلامة " قد شهد تطورا ملحوظا فيه، على يد رواد كبار أمثال " الشيخ المفيد " و " السيد المرتضى " و " الشيخ الطوسي " ومن سواهم، فيها يمكن ملاحظة ذلك في كتب عديدة من نحو: " الإنتصار " و " الناصريات " الممارسات الاستدلاية لدى " ابن إدريس " في " سرائره " و " ابن زهرة " في " غنيته " و " المحقق " في " معتبره " حيث يظل هذا الأخير قريبا من " العلامة " من حيث النسب، ومن حيث المستوى العلمي في تطويره للممارسة الفقهية منهجا وفكرا.
إن هذه المقدمة لا تسمح لنا بمتابعة خطوط التطور الذي شهدته الأجيال الفقهية المختلفة، بدءا من نماذج الاستدلال العابر " لدى الرواة المعاصرين " للمعصومين عليهم السلام " حيث ومضت نماذج منه لدى بعض الرواة عصرئذ مرورا ب " نشأته " مع عصر الغيبة - فيما يشير المعنيون بشؤون الفقه - إلى توفره لدى أسماء من مثل: " ابن الجنيد " و " ابن أبي عقيل "، وامتداد إلى أسماء متميزة مثل: " الصدوق "، وانتهاءا إلى الأسماء الرائدة التي