ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن زكرياء بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي (1) عن أبي معبد عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: أدعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، فان هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض (2) عليهم خمس صلوات في يوم وليلة (3)، فان هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض (4) عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم) (5) فهذا عموم لكل غنى من المسلمين، وهذا يدخل فيه الصغير والكبير، والمجنون، والعبد، والأمة، إذا كانوا أغنياء وقد اختلف الناس في هذا.
فأما أبو حنيفة والشافعي فقالا: زكاة مال العبد على سيده، لان مال العبد لسيده ولا يملكه العبد.
قال أبو محمد: أما هذان فقد وافقا أهل الحق في وجوب الزكاة في مال العبد، وإنما الخلاف بيننا وبينهم في هل يملك العبد ماله أم لا؟ وليس هذا مكان الكلام في هذه المسألة، وحسبنا أنهما متفقان معنا في أن الزكاة واجبة في مال العبد.
وقال مالك: لا تجب الزكاة في مال العبد، لا عليه ولا على سيده.
وهذا قول فاسد جدا، لخلافه القرآن والسنن، وما نعلم لهم حجة أصلا، إلا أن بعضهم قال: العبد ليس بتام الملك، فقلنا: أما تام الملك فكلام لا يعقل!.
لكن مال العبد لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها.
إما أن يكون للعبد وهذا قولنا، وإذا كان له فهو مالكه، وهو مسلم، فالزكاة عليه كسائر المسلمين ولا فرق:.
وإما أن يكون لسيده كما قال أبو حنيفة والشافعي، فيزكيه سيده، لأنه مسلم، وكذلك إن كان لهما معا.
وإما أن يكون لا للعبد ولا للسيد، فإن كان ذلك فهو حرام على العبد وعلى السيد،