وينبغي أن يأخذه الامام، فيضعه حيث يضع كل مال لا يعرف له رب وهذا لا يقولون به، لا سيما مع تناقضهم في إباحتهم للعبد أن يتسرى باذن سيده، فلولا أنه عندهم مالك لما له لما حل له وطئ فرج لا يملكه أصلا، ولكان زانيا، قال الله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فاؤلئك هم العادون) فلو لم يكن العبد مالكا ملك يمينه لكان عاديا إذا تسرى، وهم يرون الزكاة على السفيه والمجنون، ولا ينفذ أمرهما في أموالهما، فما الفرق بين هذا وبين مال العبد؟.
وموه بعضهم بأنه صح الاجماع على أنه لا زكاة في مال المكاتب.
فقلنا: هذا الباطل، وما روى إسقاط الزكاة عن مال المكاتب إلا عن أقل من عشرة من بين صاحب وتابع، وقد صح عن كثير من السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم: أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وصح إيجاب الزكاة في مال العبد عن بعض الصحابة، فالزكاة على هذا القول واجبة في مال المكاتب.
وهذا مكان تناقض فيه أبو حنيفة والشافعي، فقالا: لا زكاة في مال المكاتب.
واحتجا بأنه لم يستقر عليه ملك بعد.
قال أبو محمد: وهذا باطل، لأنهما مجمعان مع سائر المسلمين على أنه لا يحل لاحد أن يأخذ من مال المكاتب فلسا بغير إذنه أو بغير حق واجب، وأن ماله بيده يتصرف فيه بالمعروف، من نفقة على نفسه وكسوة وبيع وابتياع، تصرف ذي الملك في ملكه، فلولا أنه ماله، وملكه ما حل له شئ من هذا كله فيه.
وهم كثيرا يعارضون السنن بأنها خلاف الأصول! كقولهم في حديث المصراة، وحديث العتق في الستة الا عبد بالقرعة، وحديث اليمين مع الشاهد، وغير ذلك فليت شعري؟
في أي الأصول وجدوا ما لا محكوما به لانسان ممنوعا منه كل أحد سواه مطلقة عليه يده في بيع وابتياع ونفقة وكسوة وسكنى -: وهو ليس له؟ أم في أي سنة وجدوا هذا؟ أم في أي القرآن؟ أم في غير قياس؟.
وممن رأى الزكاة في مال المكاتب أبو ثور وغيره.
والعجب أن أبا حنيفة والشافعي مجمعان على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فمن أين أسقطا الزكاة عن ماله دون مال غيره من العبيد؟.
وأيضا فمن أين وقع لهم أن يفرقوا بين مال المكاتب ومال العبد؟