فان نذر اعتكاف العشر الأواخر من رمضان دخل قبل غروب الشمس من اليوم التاسع عشر لان الشهر قد يكون من تسع وعشرين ليلة، فلا يصح له اعتكاف العشر الأواخر إلا كما قلنا، وإلا فإنما اعتكف تسع ليال فقط، فإن كان الشهر ثلاثين علم أنه اعتكف ليلة زائدة، وعليه أن يتم اعتكاف الليلة الآخرة ليفي بنذره، وإلا من علم بانتقال القمر، فيدخل بقدر ما يدرى أنه يفي بنذره.
والذي قلنا - من وقت الدخول والخروج - هو قول الشافعي وأبي سليمان.
وروينا من طريق البخاري: نا عبد الله بن منير سمع هارون بن إسماعيل ثنا علي بن المبارك ثنا يحيى بن أبي كثير سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنا أبا سعيد الخدري قال له:
(اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فخرجنا صبيحة عشرين) (1).
وهذا نص قولنا.
ومن طريق البخاري: نا إبراهيم بن حمزة (2) - هو الزبيدي - حدثني ابن أبي حازم والدراوردي كلاهما عن يزيد - هو ابن عبد الله بن الهاد - عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سعيد الخدري قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان الشعر التي (3) في وسط الشهر، فإذا كان حين يمسى من عشرين ليلة ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه، ورجع من كان يجاور معه).
وهذا نص قولنا، إلا أن فيه أنه عليه السلام كان يبقى يومه إلى أن يمسى، وهذا يخرج على أحد وجهين: إما أنه تنفل منه عليه السلام، وإما أنه عليه السلام نوى أن يعتكف العشر الليالي بعشرة أيامها.
وهذا حديث رواه مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم، فوقع في لفظه تخليط وإشكال لم يقعا في رواية عبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز بن محمد الدراوردي الا أنه موافق لهما في المعنى.
وهو أننا روينا هذا الخبر نفسه عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سعيد الخدري: