في بعض الروايات، عن حكم الثلاث -: فان ذكر ما فوق الثلاث في هذه الروايات مخرج للثلاث أيضا، وان ذكرت في بعض الروايات عن حكم ما فوق الثلاث، وإلا فالقوم متلاعبون متحكمون بالباطل.
ويلزمهم أن يقولوا: إنهم على يقين من صحة حكم ما فوق الثلاث وبقائه غير منسوخ وعلى شك من صحة بقاء النهى عن الثلاث، كما قالوا في الثلاث وفيما دونها سواء بسواء ولا فرق.
فقالوا: لم يفرق أحد بين الثلاث وبين ما فوق الثلاث. فقيل لهم: قلتم بالباطل قد صح عن عكرمة أن حد ما تسافر المرأة فيه بأكثر من ثلاث، لا بثلاث،.
فكيف؟ ولا يجوز أن يكون قول قاله رجلان من التابعين، ورجلان من فقهاء الأمصار، واختلف فيه عن واحد من الصحابة قد خالفه غيره منهم، فما يعده إجماعا إلا من لادين له ولا حياء!.
فكيف؟ وإذا قد جاء عن ابن عمر: انه عد اثنين وسبعين ميلا إلى السويداء مسيرة ثلاث، فان تحديده الذي روى عنه أن لا قصر فيما دونه لستة وتسعين ميلا -: موجب ان هذا أكثر من ثلاث، لان بين العددين أربعة وعشرون ميلا، ومحال كون كل واحد من هذين العددين ثلاثا مستوية!.
والوجه الثاني: انه قد عارض هذا القول قول من حد باليوم الواحد، وقولهم: نحن على يقين من صحة استعمالنا نهيه عليه السلام عن سفرها يوما واحدا مع غير ذي محرم ونهيها عن أكثر من ذلك لأنه إن كان النهى عن سفرها ثلاثا هو الأول أو هو الآخر، فإنها منهية أيضا عن اليوم، وليس تأخير نهيها عن الثلاث بناسخ لما تقدم من نهيه عليه السلام عما دون الثلاث، وأنتم على يقين من مخالفتكم لنهيه عليه السلام لها عما دون الثلاث وخلاف امره عليه السلام - بغير يقين للنسخ لا يحل، فتعارض القولان.
والثالث: ان حديث ابن عباس الذي ذكرنا قاض على جميع هذه الأحاديث وكلها بعض ما فيه، فلا يجوز (1) ان يخالف ما فيه أصلا لان من عمل به فقد عمل بجميع الأحاديث المذكورة ومن عمل بشئ من تلك الأحاديث - دون سائرها - فقد خالف نهى رسول الله