فل يقل بها. وبالله تعالى التوفيق.
قال على: وقدموه بعضهم بأن قال: إن من العجب ترك سؤال الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه العظيمة، وهي حد السفر الذي تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه في رمضان!.
فقلنا: هذا أعظم برهان وأجل دليل وأوضح حجة لكل من له أدنى فهم وتمييز -:
على أنه لاحد لذلك أصلا إلا ما سمى سفر في لغة العرب التي بها خاطبهم عليه السلام، إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام بيانه البتة، ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه، ولا اتفقوا على ترك نقل تحديده في ذلك الينا، فارتفع الاشكال جملة ولله الحمد، ولاح بذلك أن الجميع منهم قنعوا بالنص الجلي، وان كل من حد في ذلك حدا فإنما هو وهم أخطأ فيه.
قال على: وقد اتفق الفريقان على أنه إذا فارق بيوت القرية وهو يريد اما ثلاثة أيام واما أربعة برد -: أنه يقصر الصلاة، فنسألهم: أهو في سفر تقصر فيه الصلاة؟ أم ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد، لكنه يريد سفرا تقصر فيه الصلاة بعد، ولا يدرى أيبلغه أم لا؟ ولابد من أحد الامرين.
فان قالوا: ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد، ولكنه يريده، ولا يدرى أيبلغه أم لا، أقروا بأنهم أباحوا له القصر وهو في غير سفر تقصر فيه الصلاة، من أجل نيته في ارادته سفرا تقصر فيه الصلاة، ولزمهم أن يبيحوا له القصر فيه منزله وخارج منزله بين بيوت قريته، من أجل نيته في ارادته سفرا تقصر فيه الصلاة ولا فرق، وقد قال بهذا القول عطاء وأنس به مالك وغيرهما، الا أن هؤلاء يقرون أنه ليس في سفر، ثم يأمرونه بالقصر، وهذا لا يحل أصلا.
وان قالوا: بل هو في سفر تقصر فيه الصلاة، هدموا كل ما بنوا، أبطلوا أصلهم ومذهبهم، وأقروا بأن قليل السفر وكثيره تقصر فيه الصلاة، لأنه قد ينصرف قبل أن يبلغ المقدار الذي فيه القصر عندهم.
وأما نحن فان ما دون الميل من آخر بيوت قريته له حكم الحضر، فلا يقصر فيه ولا يفطر، فإذا بلغ الميل فحينئذ صار في سفر تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه، فمن حينئذ