الباطل أن يكون بعض قوله حجة وجمهور قوله ليس حجة!.
وخالفه أيضا مالك والشافعي في قوله: إذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم الصلاة،.
فحصل قول مالك والشافعي خارجا عن أن يقطع بأنه تحديد أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولاوجد بينا عن أحد من التابعين أنه حد ما فيه القصر بذلك ولعل التحديد - الذي في حديث ابن عباس - إنما هو من دون عطاء، وهو هشام بن ربيعة، وليس في حديث نافع عن ابن عمر أنه منع القصر في أقل من أربعة برد. فسقطت أقوال من حد ذلك بالأميال المذكورة سقوطا متيقنا. وبالله تعالى التوفيق.
ثم رجعنا إلى قول من حد ذلك بثلاثة أيام، أو يومين أو يوم وشئ زائد، أو يوم تام أو يوم وليلة -: فلم نجد لمن حد ذلك بيوم وزيادة شئ متعلقا أصلا، فسقط هذا القول.
فنظرنا في الأقوال الباقية (1) فلم نجد لهم متعلقا إلا بالحديث الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي سعيد الخدري، وابن هريرة، وابن عمر في نهى المرأة عن السفر، في بعضها (ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم) وفى بعضها: (ليلتين إلا مع ذي محرم) وفى بعضها (يوما وليلة إلا مع ذي محرم) وفى بعضها: (يوما إلا مع ذي محرم) فتعلقت كل طائفة بلفظ مما ذكرنا.
فأما من تعلق بليلتين أو بيوم وليلة فلا متعلق لهم أصلا، لأنه قد جاء ذلك الحديث بيوم وجاء بثلاثة أيام، فلا معنى للتعلق باليومين ولا باليوم والليلة دون هذين العددين الآخرين أصلا، وإنما يمكن ان يشغب ههنا بالتعلق بالأكثر مما ذكر في ذلك الحديث أو بالأقل مما ذكر فيه. واما التعلق بعدد قد جاء النص بأقل منه أو بأكثر منه فلا وجه له أصلا فسقط هذان القولان أيضا.
فنظرنا في قول من تعلق بالثلاث أو باليوم فكان من شغب من تعلق باليوم ان قال: هو أقل ما ذكر في ذلك الحديث، فكان ذلك هو حد السفر الذي ما دونه بخلافه، فوجب أن يكون ذلك حدا لما يقصر فيه. قالوا: وكان من اخذ بحدنا قد استعمل حكم الليلتين واليوم والليلة والثلاث، ولم يسقط من حكم ما ذكر في ذلك الحديث شيئا، وهذا أولى ممن أسقط أكثر ما ذكر في ذلك الحديث.