قل أو طال فهو عام لما في سائر الأحاديث، وكل ما في سائر الأحاديث فهو بعض ما في حديث ابن عباس هذا، فهو المحتوى على جميعها، والجامع لها كلها، ولا ينبغي أن يتعدى ما فيه إلى غيره، فسقط قول من تعلق باليوم أيضا. وبالله تعالى التوفيق.
ثم نظرنا في قول من حد ذلك بالثلاث فوجدناهم يتعلقون بذكر الثلاث في هذا الحديث وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في المسح: (للمسافر ثلاثا بلياليهن، وللمقيم يوما وليلة) لم نجدهم موهوا بغير هذا أصلا.
قال على: وقالوا: من تعلق بالثلاث كان على يقين من الصواب (1)، لأنه إن كان عليه السلام ذكر نهيه عن سفرها ثلاثا قبل نهيه عن سفرها يوما أو أقل من يوم -: فالخبر الذي ذكر فيه اليوم هو الواجب ان يعمل به، ويبقى نهيه عن سفرها ثلاثا على حكمه غير منسوخ، بل ثابت كما كان، وإن كان ذكر نهيه عن سفرها ثلاثا بعد نهيه عن سفرها يوما أو أقل من يوم -:
فنهيه عن السفر ثلاثا هو الناسخ لنهيه إياها عن السفر أقل من ثلاث. قالوا: فنحن على يقين من صحة حكم النهى لها عن السفر ثلاثا إلا مع ذي محرم، وعلى شك في صحة النهى لها عما دون الثلاث، فلا يجوز ان يترك اليقين للشك!.
قال على: وهذا تمويه فاسد من وجوه ثلاثة.
أحدها: انه قد جاء النهي عن أن تسافر أكثر من ثلاث. روينا ذلك من طرق كثيرة في غاية الصحة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة فوق ثلاث إلا ومعها ذو محرم).
ومن طريق قتادة عن قزعة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر المرأة (2) فوق ثلاث ليال الا مع ذي محرم).
ومن طريق أبى معاوية ووكيع عن الأعمش عن أبي صالح السمان عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر سفرا فوق ثلاثة أيام فصاعدا الا ومعها أخوها أو أبوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها).
فإن كان ذكر الثلاث في بعض الروايات مخرجا لما دون الثلاث، مما (3) قد ذكر أيضا