من الميل عقدا أو فترا أو شبرا، ولا يزال نحطه شيئا فشيئا فلا بدله من التحكم في الدين، أو ترك ما هو عليه! فسقطت هذه الأقوال جملة والحمد لله رب العالمين.
ولا متعلق لهم بابن عباس وابن عمر لوجوه:
أحدها: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
والثاني: أنه ليس التحديد بالأميال في ذلك من قولهما، وإنما هو من قول من دونهما.
والثالث: انه قد اختلف عنهما أشد الاختلاف كما أوردنا.
فروي حماد بن سلمة عن أيوب السختياني وحميد كلاهما عن نافع، ووافقهما ابن جريج عن نافع: ان ابن عمر كان لا يقصر في أقل من ستة وتسعين ميلا.
وروي معمر عن أيوب عن نافع: ان ابن عمر كان يقصر في أربعة برد، ولم يذكر انه منع من القصر في أقل.
وروي هشام بن الغاز عن نافع: ان ابن عمر قال: لا تقصر الصلاة الا في اليوم التام.
وروي مالك عن نافع عنه: انه كان لا يقصر في البريد، وقال مالك: ذات النصب وريم كلتاهما من المدينة على نحو أربعة برد.
وروى عنه علي بن ربيعة الوالبي: لا قصر في أقل من اثنين وسبعين ميلا.
وروى عنه ابنه سالم بن عبد الله - وهو أجل من نافع -: انه قصر إلى ثلاثين ميلا.
وروى عنه ابن أخيه حفص بن عاصم - وهو اجل من نافع واعلم به -: انه قصر إلى ثمانية عشر ميلا.
وروى عنه شرحبيل بن السمط، ومحمد بن زيد بن خليدة، ومحارب بن دثار، وجبلة ابن سحيم - وكلهم أئمة -: القصر في أربعة أميال، وفى ثلاثة أميال، وفى ميل واحد وفى سفر ساعة، وأقصى ما يكون سفر الساعة من ميلين إلى ثلاثة.
وأما ابن عباس فروي عنه عطاء: القصر إلى عسفان، وهي اثنان وثلاثون ميلا، وإذا وردت على أهل أو ماشية فأتم، ولا تقصر إلى عرفة ولا منى.
وروى عنه مجاهد: لا قصر في يوم إلى العتمة، لكن فيما زاد على ذلك، وروي عنه أبو جمرة الضبعي: لا قصر الا في يوم متاح (1).
وقد خالفه مالك في أمره عطاء أن لا يقصر إلى منى ولا إلى عرفة، وعطاء مكي، فمن