ولنا أن إحرام العمرة أحد إحرامي التمتع فجاز الصوم بعده كاحرام الحج فاما قوله (فصيام ثلاثة أيام في الحج) فقيل معناه في أشهر الحج فإنه لابد من اضمار إذ كان الحج أفعالا لا يصام فيها إنما يصام في وقتها أو في أشهرها فهو في قوله تعالى (الحج أشهر) وأما تقديمه على وقت الوجوب فيجوز إذا وجد السبب كتقديم الكفارة على الحنث وزهوق النفس، وأما كونه بدلا فلا يقدم على المبدل فقد ذكرنا رواية في جواز تقديم الهدي على احرام الحج فكذلك الصوم، وأما تقديم الصوم على إحرام العمرة فغير جائز ولا نعلم قائلا بجوازه إلا رواية حكاها بعض أصحابنا عن أحمد وليس بشئ لأنه لا يقدم الصوم على سببه ووجوبه ويخالف قول أهل العلم وأحمد ينزه عن هذا. وأما السبعة فلها أيضا وقتان وقت اختيار ووقت جواز فاما وقت الاختيار فإذا رجع إلى أهله لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله " متفق عليه وأما وقت الجواز فمنذ تمضي أيام التشريق قال الأثرم سئل أحمد هل يصوم في الطريق أو بمكة؟ قال كيف شاء، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وعن عطاء ومجاهد يصومها في الطريق وهو قول إسحاق وقال ابن المنذر يصومها إذا رجع إلى أهله للخبر ويروى ذلك عن ابن عمر وهو قول الشافعي وقيل عنه كقولنا وكقول إسحاق ولنا أن كل صوم لزمه وجاز في وطنه جاز قبل ذلك كسائر الفروض وأما الآية فإن الله تعالى جوز له تأخير الصيام الواجب فلا يمنع ذلك الاجزاء قبله كتأخير صوم رمضان في السفر والمرض بقوله سبحانه (فعدة من أيام أخر) ولان الصوم وجد من أهله بعد وجود سببه فاجزأه كصوم المسافر والمريض (فصل) ولا يجب التتابع وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا، وهذا قول الثوري وإسحاق وغيرهما ولا نعلم فيه مخالفا.
(مسألة) قال (فإن لم يصم قبل يوم النحر صام أيام منى في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله والرواية الأخرى لا يصوم أيام منى ويصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم) وجملة ذلك أن المتمتع إذا لم يصم الثلاثة أيام في الحج فإنه يصومها بعد ذلك، وبهذا قال علي وابن عمر وعائشة وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير والحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي