لفظه فازدرده فإنه لا يفطر به لأنه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق. وقال ابن المنذر: أجمع على ذلك أهل العلم (الثاني) أن يكون كثيرا يمكن لفظه فإن لفظه فلا شئ عليه، وإن ازدرده عامدا فسد صومه في قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا يفطر لأنه لابد أن يبقى بين أسنانه شئ مما يأكله فلا يمكن التحرز منه فأشبه ما يجري به الريق ولنا أنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره ذاكرا لصومه فأفطر به كما لو ابتدأ الاكل، ويخالف ما يجري به الريق فإنه لا يمكنه لفظه، فإن قيل يمكنه أن يبصق قلنا لا يخرج جميع الريق ببصاقه، وإن منع من ابتلاع ريقه كله لم يمكنه (فصل) فإن قطر في إحليله دهنا لم يفطر به سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل، وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: يفطر لأنه أوصل الدهن إلى جوف في جسده فأفطر كما لو داوى الجائفة، ولان المني يخرج من الذكر فيفطره وما أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل منه كالفم ولنا أنه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ، وإنما يخرج البول رشحا فالذي يتركه فيه لا يصل إلى الجوف فلا يفطره كالذي يتركه في فيه ولم يبتلعه (الفصل الرابع) إذا قبل فأمنى أو أمذى ولا يخلو المقبل من ثلاثة أحوال (أحدها) أن لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك، لا نعم فيه خلافا لما روت عائشة: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لإربه. رواه البخاري ومسلم، ويروي بتحريك الراء وسكونها، قال الخطابي معناهما واحد وهو حاجة النفس ووطرها، وقيل بالتسكين العضو وبالفتح الحاجة، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله: صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم، فقال " أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم " قلت لا بأس به، قال " فمه " رواه أبو داود، شبه القبلة بالمضمضة من حيث أنها من مقدمات الشهوة، وأن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر وإن كان معها نزوله أفطر، إلا أن أحمد ضعف هذا الحديث وقال هذا ريح ليس من هذا شئ (الحال الثاني) أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين ولأنه انزال بمباشرة فأشبه الانزال بالجماع دون الفرج
(٤٧)