يجرى من الانسان مجرى الدم واني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا " أو قال " شيئا " متفق عليه وقال علي رضي الله عنه أيما رجل اعتكف فلا يساب ولا يرفث في الحديث ويأمر أهله بالحاجة أي وهو يمشي ولا يجلس عندهم رواه الإمام أحمد (فصل) فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب وهو ظاهر كلام أحمد، وقال أبو الحسن الآمدي في استحباب ذلك روايتان، واختار أبو الخطاب انه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة وهذا مذهب الشافعي لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعدى فكان أولى من تركه كالصلاة واحتج أصحابنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به، ولان الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف وما ذكروه يبطل بعيادة المرضى وشهود الجنازة فعلى هذا القول فعله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف، قال المروذي: قلت لأبي عبد الله ان رجلا يقرئ في المسجد وهو يريد أن يعتكف ولعله أن يختم في كل يوم فقال إذا فعل هذا كان لنفسه وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره يقرئ أحب إلي، وسئل أيما أحب إليك: الاعتكاف أو الخروج إلى عبادان؟ قال ليس يعدل الجهاد عندي شئ، يعني ان الخروج إلى عبادان أفضل من الاعتكاف (1) (فصل) وليس من شريعة الاسلام الصمت عن الكلام وظاهر الاخبار تحريمه، قال قيس بن مسلم دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال مالها لا تتكلم؟ قالوا حجت مصمتة، فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من أعمال الجاهلية فتكلمت رواه البخاري. وروى أبو داود باسناده عن علي رضي الله عنه قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا صمات يوم إلى الليل " وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن صوم الصمت فإن نذر ذلك في اعتكافه أو غيره لم يلزمه الوفاء به وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ولا نعلم فيه مخالفا لما روى ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " مره فليتكلم وليستظل
(١٤٩)