ترجع إلى منزلها فإذا طهرت فلترجع لأنه وجب عليها الخروج من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة لعدة أو خوف فتنة ووجه قول الخرقي ما روى المقدام بن شريح عن عائشة قالت: كن معتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن.
رواه أبو حفص باسناده وفارق المعتدة فإن خروجها لتقيم في بيتها وتعتد فيه ولا يحصل ذلك مع الكون في الرحبة وكذلك الخائفة من الفتنة خروجها لتسلم من الفتنة فلا تقيم في موضع لا تحصل السلامة بالإقامة فيه والظاهر أن اقامتها في الرحبة مستحب وليس بواجب وان لم تقم في الرحبة ورجعت إلى منزلها أو غيره فلا شئ عليها لأنها خرجت باذن الشرع ومتى طهرت رجعت إلى المسجد فقضت وبنت ولا كفارة عليها لا نعلم فيه خلافا لأنه خروج لعذر معتاد أشبه الخروج لقضاء الحاجة وقول إبراهيم تحكم لا دليل عليه (فصل) فأما المستحاضة فلا تمنع الاعتكاف لأنها لا تمنع الصلاة ولا الطواف وقد قالت عائشة: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي أخرجه البخاري، إذا ثبت هذا فإنها تتحفظ وتتلجم لئلا تلوث المسجد فإن لم يمكن صيانته منها خرجت من المسجد لأنه عذر وخروج لحفظ المسجد من نجاستها فأشبه الخروج لقضاء حاجة الانسان (فصل) الخروج المباح في الاعتكاف الواجب ينقسم أربعة أقسام (أحدها) مالا يوجب قضاء ولا كفارة وهو الخروج لحاجة الانسان وشبهه مما لا بد منه (والثاني) ما يوجب قضاء بلا كفارة وهو الخروج للحيض (الثالث) ما يوجب قضاء وكفارة وهو الخروج لفتنة وشبهه مما يخرج لحاجة نفسه (الرابع) ما يوجب قضاء وفي الكفارة وجهان وهو الخروج الواجب كالخروج في النفير أو العدة ففي قول القاضي لا كفارة عليه لأنه واجب لحق الله تعالى أشبه الخروج للحيض وظاهر كلام الخرقي وجوبها لأنه خروج غير معتاد فأوجب الكفارة كالخروج لفتنة (مسألة) (قال ومن نذر أن يعتكف شهرا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس) وهذا قول مالك والشافعي وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر من أوله وهو قول الليث وزفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه متفق عليه ولان الله تعالى قال (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ولا يلزم الصوم إلا من قبل طلوع الفجر ولان الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه