تارك لبعض ما نذره، وأصل الوجهين فيمن نذر صوما معينا فأفطر في بعضه فإن فيه روايتين كالمذهبين اللذين ذكرناهما (فصل) إذا نذر اعتكاف أيام متتابعة بصوم فأفطر يوما أفسد تتابعه ووجب استئناف الاعتكاف لاخلاله بالاتيان بما نذره على صفته (مسألة) قال (وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك اعتكافه فإذا أمن بنى على ما مضى إذا كان نذر أياما معلومة وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وكذلك في النفير إذا احتيج إليه) وجملته أنه إذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه ان قصد في المسجد أو على ماله نهبا أو حريقا فله ترك الاعتكاف والخروج لأن هذا مما أباح الله تعالى لأجله ترك الواجب بأصل الشرع وهو الجمعة والجماعة فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه وكذلك إن تعذر عليه المقام في المسجد لمرض لا يمكنه المقام معه فيه كالقيام المتدارك أو سلس البول أو الاغماء أو لا يمكنه المقام الا بمشقة شديدة مثل أن يحتاج إلى خدمة وفراش فله الخروج وإن كان المرض خفيفا كالصداع ووجع الضرس (1) ونحوه فليس له الخروج فإن خرج بطل اعتكافه وله الخروج إلى ما يتعين عليه من الواجب مثل الخروج في النفير إذا عم أو حضر عدو يخافون كلبه واحتيج إلى خروج المعتكف لزمه الخروج لأنه واجب متعين فلزم الخروج إليه كالخروج إلى الجمعة وإذا خرج ثم زال عذره نظرنا فإن كان تطوعا فهو مخير ان شاء رجع إلى معتكفه وان شاء لم يرجع وإن كان واجبا رجع إلى معتكفه فبنى على ما مضى من اعتكافه ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال (أحدها) أن يكون نذر اعتكافا في أيام غير متتابعة ولا معينة فهذا لا يلزمه قضاء بل يتم ما بقي عليه لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه لأنه أتى بما نذر على وجهه فلا يلزمه كفارة كما لو لم يخرج (الثاني) نذر أياما معينة كشهر رمضان فعليه قضاء ما ترك وكفارة يمين بمنزلة تركه المنذور في وقته ويحتمل أن لا يلزمه كفارة على ما سنذكره إن شاء الله (الثالث) نذر أياما متتابعة فهو مخير بين البناء والقضاء والتكفير وبين الابتداء ولا كفارة عليه لأنه يأتي بالمنذور على وجهه فلم يلزمه كفارة كما لو أتى به من غير أن يسبقه الاعتكاف الذي قطعه وذكر الخرقي مثل هذا في الصيام فقال ومن نذر أن يصوم شهرا متتابعا ولم يسمه فمرض في بعضه فإذا عوفي بنى على ما مضى من صيامه وقضى ما ترك وكفر كفارة وان أحب أتى بشهر متتابع ولا كفارة عليه وقال أبو الخطاب فيمن ترك الصيام المنذور لعذر فعن أحمد فيه رواية أخرى أنه
(١٤٦)