ولنا ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البيع والشراء في المسجد رواه الترمذي وقال حديث حسن ورأي عمران القصير رجلا يبيع في المسجد فقال يا هذا ان هذا سوق الآخرة فإن أردت البيع فاخرج إلى سوق الدنيا. وإذا منع من البيع والشراء في غير حال الاعتكاف ففيه أولى فاما الصنعة فظاهر كلام الخرقي انه لا يجوز منها ما يكتسب به لأنه بمنزلة التجارة بالبيع والشراء ويجوز ما يعمله لنفسه كخياطة قميصه ونحوه وقد روى المروزي قال سألت أبا عبد الله عن المعتكف: ترى له أن يخيط؟ قال لا ينبغي له أن يعتكف إذا كان يريد أن يفعل وقال القاضي لا تجوز الخياطة في المسجد سواء كان محتاجا إليها أو لم يكن قل أو كثر لأن ذلك معيشة أو تشغل عن الاعتكاف فأشبه البيع والشراء فيه والأولى أن يباح له ما يحتاج إليه من ذلك إذا كان يسيرا مثل أن ينشق قميصه فيخيطه أو ينحل شئ يحتاج إلى ربط فيربطه لأن هذا يسير تدعو الحاجة إليه فجرى مجرى لبس قميصه وعمامته وخلعهما (فصل) يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة ويجتنب مالا يعنيه من الأقوال والافعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث " من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه " ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى ولا يبطل الاعتكاف بشئ من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وعكسه الوطئ ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره فإن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم " على رسلكما أنها صفية بنت حيي " فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال " ان الشيطان
(١٤٨)