(قال الشافعي) رحمه الله في السرقة حكمان أحدهما لله عز وجل والآخر للادميين فإذا قطع لله تعالى أخذ منه ما سرق للادميين فإن لم يؤخذ فقيمته لأني لم أجد أحدا ضمن مالا بعينه بغصب أو عدوان فيفوت إلا ضمن قيمته ولا أجد في ذلك موسرا مخالفا لمعسر وفي المغتصبة حكمان أحدهما لله والآخر للمغتصبة بالمسيس الذي العوض منه المهر فأثبت ذلك والحد على المغتصب كما أثبت الحد والغرم على السارق ولو غصب أرضا فغرسها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس لعرق ظالم حق " فعليه أن يقلع غرسه ويرد ما نقصت الأرض ولو حفر فيها بئرا فأراد الغاصب دفنها فله ذلك وإن لم ينفعه وكذلك لو زوق دارا كان له نزع التزويق حتى يرد ذلك بحاله وكذلك لو نقل عنها ترابا كان له أن يرد ما نقل عنها حتى يوفيه إياها بالحال التي أخذها (قال المزني) غير هذا أشبه بقوله لأنه يقول لو غصب غزلا فنسجه ثوبا أو نقرة فطبعها دنانير أو طينا فضربه لبنا فهذا أثر لا عين ومنفعة للمغصوب ولا حق في ذلك للغاصب فكذلك نقل التراب عن الأرض والبئر إذا لم تبن بطوب أثر لاعين ومنفعة للمغصوب ولا حق في ذلك للغاصب مع أن هذا فساد لنفقته وإتعاب بدنه وأوانه بما فيه مضرة على أخيه ولا منفعة له فيه (قال الشافعي) رحمه الله وإن غصب جارية فهلكت فقال ثمنها عشرة فالقول قوله مع يمينه ولو كان له كيل أو وزن فعليه مثل كيله ووزنه ولو كان ثوبا فصبغه فزاد في قيمته قيل للغاصب إن شئت فاستخرج الصبغ على أنك ضامن لما نقص وإن شئت فأنت شريك بما زاد الصبغ فإن محق الصبغ فلم تكن له قيمة قيل ليس لك ههنا مال يزيد فإن شئت فاستخرجه وأنت ضامن لنقصان الثوب وإن شئت فدعه وإن كان ينقص الثوب ضمن النقصان وله أن يخرج الصبغ على أن يضمن ما نقص الثوب وإن شاء ترك (قال المزني) هذا نظير ما مضى في نقل التراب ونحوه (قال الشافعي) رحمه الله ولو كان زيتا فخلطه بمثله أو خير منه فإن شاء أعطاه من هذا مكيلته وإن شاء أعطاه مثل زيته وإن خلطه بشر منه أو صبه في بان فعليه مثل زيته ولو أغلاه على النار أخذه وما نقصت مكيلته أو قيمته وكذلك لو خلط دقيقا بدقيق فكالزيت وإن كان قمحا فعفن عنده رده وقيمة ما نقص وإن غصبه ثوبا وزعفرانا فصبغه به فربه بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء قومه أبيض وزعفرانه صحيحا وضمنه قيمة ما نقص ولو كان لوحا فأدخله في سفينة أو بنى عليه جدارا أخذ بقلعه أو خيطا خاط به ثوبه فإن خاط به جرح إنسان أو حيوان ضمن الخيط ولم ينزع ولو غصب طعاما فأطعمه من أكله ثم استحق كان.
للمستحق أخذ الغاصب به فإن غرمه فلا شئ للواهب على الموهوب له وإن شاء أخذ الموهوب له فإن غرمه فقد قيل يرجع به عليه الواهب وقيل لا يرجع (قال المزني) رحمه الله أشبه بقوله إن هبة الغاصب لا معنى لها وقد أتلف الموهوب له ما ليس له ولا للواهب فعليه غرمه ولا يرجع به فإن غرمه الغاصب رجع به عليه هذا عندي أشبه بأصله (قال الشافعي) رحمه الله ولو حل دابة أو فتح قفصا عن طائر فوقفا ثم ذهبا لم يضمن لأنهما أحدثا الذهاب ولو حل زقا أو راوية فاندفقا ضمن إلا أن يكون الزق ثبت مستندا فكان الحل لا يدفع ما فيه ثم سقط بتحريك أو غيره فلا يضمن لأن الحل قد كان ولا جناية فيه ولو غصبه دارا فقال الغاصب هي بالكوفة فالقول قوله مع يمينه ولو غصبه دابة فضاعت فأدى قيمتها ثم ظهرت ردت عليه ورد ما قبض من قيمتها لأنه أخذ قيمتها على أنها فائتة فكان الفوت قد بطل لما وجدت ولو كان هذا بيعا ما جاز أن تباع دابة غائبة كعين جنى عليها فابيضت أو على سن صبي فانقلعت فأخذ أرشها بعد أن أيس منها ثم ذهب البياض ونبتت السن فلما عادا رجع حقهما وبطل الأرش بذلك فيهما (وقال في موضع آخر) ولو قال الغاصب أنا أشتريها منك وهي في يدي قد عرفتها فباعه إياها فالبيع جائز (قال المزني) رحمه الله منع بيع الغائب في إحدى المسألتين وأجازه في الأخرى (قال الشافعي) رحمه الله: