جائز وليس لرب الزرع أن يثبت زرعه وعليه أن ينقله عن الأرض إلا أن يشاء رب الأرض تركه (قال الشافعي) وإذا شرط أن يزرعها صنفا من الزرع يستحصد أن يستقصل قبل السنة فأخره إلى وقت من السنة وانقضت السنة قبل بلوغه فكذلك أيضا وإن تكاراها لمدة أقل من سنة وشرط أن يزرعها شيئا بعينه ويتركه حتى يستحصد وكان يعلم أنه لا يمكنه أن يستحصد في مثل المدة التي تكاراها فالكراء فيه فاسد من قبل أنى إن أثبت بينهما شرطهما ولم أثبت على رب الأرض أن يبقى زرعه فيها بعد انقضاء المدة أبطلت شرط الزارع أن يتركه حتى يستحصد وإن أثبت له زرعه حتى يستحصد أبطلت شرط رب الأرض فكان هذا كراء فاسدا ولرب الأرض كراء مثل أرضه إذا زرعه وعليه تركه حتى يستحصد (قال الشافعي) وإذا تكارى الأرض التي لا ماء لها إنما يسقى بنطف سماء أو بسيل إن جاء فلا يصح كراؤها إلا على أن يكريه إياها أرضا بيضاء لا ماء لها يصنع بها المستكرى ما شاء في سنته إلا أنه لا يبنى ولا يغرس فإذا وقع على هذا صح الكراء ولزمه زرع أو لم يزرع فإن أكراه إياها على أن يزرعها ولم يقل أرضا بيضاء لا ماء لها وهما يعلمان أنها لا تزرع إلا بمطر أو سيل يحدث فالكراء فاسد ولو كانت الأرض ذات نهر مثل النيل وغيره مما يعلو الأرض على أن يزرعها زرعا لا يصلح إلا بأن يروى بالنيل لا بئر لها ولا مشرب غيره فالكراء فاسد وإذا تكاراها والماء قائم عليها وقد ينحسر لا محالة في وقت يمكن فيه الزرع فالكراء جائز وإن كان قد ينحسر ولا ينحسر كرهت الكراء إلا بعد انحساره وإن غرقها بعد أن صح كراؤها نيل أو سيل أو شئ يذهب الأرض أو غصبت انتقض الكراء بينهما من يوم تلفت الأرض فإن تلف بعضها وبقى بعض ولم يزرع فرب الزرع بالخيار إن شاء أخذ ما بقي بحصته من الكراء وإن شاء ردها لأن الأرض لم تسلم له كلها وإن كان زرع بطل عنه ما تلف ولزمه حصة ما زرع من الكراء وكذا إذا جمعت الصفقة مائة صاع بثمن معلوم فتلف خمسون صاعا فالمشترى بالخيار في أن يأخذ الخمسين بحصتها من الثمن أو يرد البيع لأنه لم يسلم له كل ما اشترى وكذلك لو اكترى دارا فانهدم بعضها كان له أن يحبس منها ما بقي بحصته من الكراء وهذا بخلاف ما لا يتبعض من عبد اشتراه فلم يقبضه حتى حدث به عيب فله الخيار بين أخذه بجميع الثمن أو رده لأنه لم يسلم له ما هو غير معيب والمسكن يتبعض من المسكن من الدار والأرض كذلك وإن مر بالأرض ماء فأفسد زرعه أو أصابه حريق أو جراد أو غير ذلك فهذا كله جائحة على الزرع لا على الأرض كما لو اكترى منه دارا للبز فاحترق البز ولو اكتراها ليزرعها قمحا فله أن يزرعها مالا يضر بالأرض إلا إضرار القمح وإن كان يضر بها مثل عروق تبقى فيها فليس ذلك فإن فعل فهو متعد ورب الأرض بالخيار إن شاء أخذ الكراء وما نقصت الأرض عما ينقصها زرع القمح أو يأخذ منه كراء مثلها (قال المزني) رحمه الله يشبه أن يكون الأول أولى لأنه أخذ ما اكترى وزاد على المكرى ضررا كرجل اكترى منزلا يدخل فيه ما يحمل سقفه فحمل فيه أكثر فأضر ذلك بالمنزل فقد استوفى سكناه وعليه قيمة ضرره وكذلك لو اكترى منزلا سفلا فجعل فيه القصارين أو الحدادين فتقلع البناء فقد استوفى ما اكتراه وعليه بالتعدي بما نقص بالمنزل (قال الشافعي) رحمه الله وإن قال له ازرعها ما شئت فلا يمنع من زرع ما شاء ولو أراد الغراس فهو غير الزرع وإن قال ازرعها أو اغرسها ما شئت فالكراء جائز (قال المزني) أولى بقوله أن لا يجوز هذا لأنه لا يدرى يغرس أكثر الأرض فيكثر الضرر على صاحبها أولا يغرس فتسلم أرضه من النقصان بالغرس فهذا في معنى المجهول وما لا يجوز في معنى قوله وبالله التوفيق (قال الشافعي) وإن
(١٢٩)