ولا يجوز ضمان من لم يبلغ ولا مجنون ولا مبرسم يهذى ولا مغمى عليه ولا أخرس لا يعقل وإن كان يعقل الإشارة والكتاب فضمن لزمه وضعف الشافعي كفالة الوجه في موضع وأجازها في موضع آخر إلا في الحدود.
باب الشركة قال المزني الشركة من وجوه منها الغنيمة أزال الله عز وجل ملك المشركين عن خيبر فملكها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وكانوا فيه شركاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أجزاء ثم أقرع بينها فأخرج منها خمس الله تبارك وتعالى لأهله وأربعة أخماسها لأهلها (قال المزني) وفي ذلك دليل على قسم الأموال والضرب عليها بالسهام ومنها المواريث ومنها الشركة في الهبات والصدقات في قوله ومنها التجارات وفي ذلك كله القسم إذا كان مما يقسم وطلبه الشريك ومنها الشركة في الصدقات المحرمات في قوله وهي الاحباس ولا وجه لقسمها في رقابها لارتفاع الملك عنها فإن تراضوا من السكنى سنة بسنة فلا بأس والذي يشبه قول الشافعي أنه لا تجوز الشركة في العرض ولا فيما يرجع في حال المفاصلة إلى القيمة لتغير القيم ولا أن يخرج أحدهما عرضا والآخر دنانير ولا تجوز إلا بمال واحد بالدنانير أو بالدراهم فإن أرادا أن يشتركا ولم يمكنها إلا عرض فإن المخرج في ذلك عندي أن يبيع أحدهما نصف عرضه بنصف عرض صاحبه ويتقابضان فيصير جميع العرضين بينهما نصفين ويكونان فيه شريكين إن باعا أو حبسا أو عارضا لافضل في ذلك لاحد منهما (قال) وشركة المفاوضة عند الشافعي لا تجوز بحال والشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد منهما دنانير مثل دنانير صاحبه ويخلطاهما فيكونان فيها شريكين فإن اشتريا فلا يجوز أن يبيعه أحدهما دون صاحبه فإن جعل كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر في ذلك كله بما رأى من أنواع التجارات قام في ذلك مقام صاحبه فما ربحا أو خسرا فلهما وعليهما نصفين ومتى فسخ أحدهما الشركة انفسخت ولم يكن لصاحبه أن يشترى ولا يبيع حتى يقسما وإن مات أحدهما انفسخت الشركة وقاسم وصى الميت شريكه فإن كان الوارث بالغا رشيدا فأحب أن يقيم على مثل شركته كأبيه فجائز ولو اشتريا عبدا وقبضاه فأصابا به عيبا فأراد أحدهما الرد والآخر الامساك (قال الشافعي) ذلك جائز لأن معقولا أن كل واحد منهما اشترى نصفه بنصف الثمن ولو اشترى أحدهما بما لا يتغابن الناس بمثله كان ما اشترى له دون صاحبه ولو أجازه شريكه ما جاز لأن شراءه كان على غير ما يجوز عليه وأيهما ادعى في يدي صاحبه من شركتهما شيئا فهو مدع وعليه البينة وعلى صاحبه اليمين وأيهما ادعى خيانة صاحبه فعليه البينة وأيهما زعم أن المال قد تلف فهو أمين وعليه اليمين وإذا كان العبد بين رجلين فأمر أحدهما صاحبه ببيعه فباعه من رجل بألف درهم فأقر الشريك الذي لم يبع أن البائع قد قبض الثمن وأنكر ذلك البائع وادعاه المشترى فإن المشترى يبرأ من نصف الثمن وهو حصة المقر ويأخذ البائع نصف الثمن من المشترى فيسلم له ويحلف لشريكة ما قبض ما ادعى فإن نكل حلف صاحبه واستحقق الدعوى ولو كان الشريك الذي باع هو الذي أقر بأن شريكه الذي لم يبع قبض من المشترى جميع الثمن وأنكر ذلك الذي لم يبع وادعى ذلك المشترى فإن المشترى يبرأ من نصف الثمن بإقرار البائع أن شريكه قد قبض لأنه في ذلك أمين ويرجع البائع على المشترى بالنصف الباقي فيشاركه فيه صاحبه لأنه لا يصدق على حصة من الشركة تسلم إليه إنما يصدق في أن لا يضمن شيئا لصاحبه فأما أن يكون في يديه بعض مال بينهما فيدعى على شريكه مقاسمة يملك بها هذا البعض خاصة فلا يجوز ويحلف لشريكه فإن نكل حلف شريكه واستحق دعواه وإذا كان العبد بين رجلين فغصب رجل حصة أحدهما ثم إن الغاصب والشريك الآخر باعا العبد من رجل فالبيع جائز في نصيب الشريك البائع ولا يجوز بيع الغاصب ولو أجازه المغصوب لم يجز إلا بتجديد بيع في معنى قول الشافعي وبالله التوفيق