وهو منكر فالصلح باطل ويرجع المدعى على دعواه ويأخذ منه صاحبه ما أعطاه ولو صالح عنه رجل يقر عنه بشئ جاز الصلح وليس للذي أعطى عنه أن يرجع عليه لأنه تطوع به ولو أشرع جناحا على طريق نافذة فصالحه السلطان أو رجل على ذلك لم يجز ونظر فإن كان لا يضر ترك وإن ضر قطع ولو أن رجلين ادعيا دارا في يدي رجل فقالا ورثناها عن أبينا فأقر لأحدهما بنصفها فصالحه من ذلك الذي أقر له به على شئ كان لأخيه أن يدخل معه فيه (قال المزني) قلت أنا ينبغي في قياس قوله أن يبطل الصلح في حق أخيه لأنه صار لأخيه بإقراره قبل أن يصالح عليه إلا أن يكون صالح بأمره فيجوز عليه (قال الشافعي) ولو كانت المسألة بحالها وادعى كل واحد منهما نصفها فأقر لأحدهما بالنصف وجحد للاخر لم يكن للاخر في ذلك حق وكان على خصومته ولو كان أقر لأحدهما بجميع الدار فإن كان لم يقر للاخر بأن له النصف فله الكل وإن كان أقر بأن له النصف ولأخيه النصف كان لأخيه أن يرجع بالنصف عليه وإن صالحه على دار أقر له بها بعبد قبضه فاستحق العبد رجع إلى الدار فأخذها منه ولو صالحه على أن يسكنها الذي هي في يديه وقتا فهي عارية إن شاء أخرجه منها أو صالحه منها على خدمة عبد بعينة سنة فباعه المولى كان للمشترى الخيار في أن يجيز البيع وتكون الخدمة على العبد للمصالح أو يرد البيع (قال الشافعي) ولو مات العبد جاز من الصلح بقدر ما استخدم وبطل منه بقدر ما بقي وإذا تداعى رجلان جدارا بين داريهما فإن كان متصلا ببناء أحدهما اتصال البنيان الذي لا يحدث مثله إلا من أول البنيان جعلته له دون المنقطع منه وإن كان يحدث مثله بعد كمال بنيانه مثل نزع طوبة وإدخال أخرى أحلفتهما بالله وجعلته بينهما وإن كان غير موصول بواحد من بنائهما أو متصلا ببنائهما جميعا جعلته بينهما بعد أن أحلف كل واحد منهما ولا أنظر إلى من إليه الخوارج ولا الدواخل ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط لأنه ليس في شئ من هذا دلالة ولو كان لأحدهما عليه جذوع ولا شئ للاخر عليه أحلفتهما وأقررت الجذوع بحالها وجعلت الجدار بينهما نصفين لأن الرجل قد يرتفق بجدار الرجل بالجذوع بأمره وغير أمره ولم أجعل لواحد منهما أن يفتح فيه كوة ولا يبنى عليه بناء إلا بإذن صاحبه وقسمته بينهما إن شاءا إن كان عرضه ذراعا أعطيه شبرا في طول الجدار ثم قلت له إن شئت أن تزيد من عرصة دارك أو بيتك شبرا آخر ليكون لك جدار خالص فذلك لك ولو هدماه ثم اصطلحا على أن يكون لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه على أن يحمل كل واحد منهما ما شاء عليه إذا بناه فالصلح فاسد وإن شاءا أو واحد منهما قسمت أرضه بينهما نصفين وإن كان البيت السفل في يدي رجل والعلو في يدي آخر فتداعيا سقفه فهو بينهما نصفين لأن سقف السفل تابع له وسطح العلو أرض له فإن سقط لم يجبر صاحب السفل علي بنائه فإن تطوع صاحب العلو بأن يبنى السفل كما كان ثم يبنى علوه كما كان فذلك له وليس له منع صاحب السفل من سكناه ونقض الجداران له ومتى شاء أن يهدمها هدمها وكذلك الشركاء في نهر أو بئر لا يجبر أحدهم على الاصلاح لضرر ولاغيره ولا يمنع المنفعة فإن أصلح غير فله عين ماله متى شاء نزعه وقال في كتاب الدعوى والبينات على كتاب اختلاف أبي حنيفة فإذا أفاد صاحب السفل مالا أخذ منه قيمة ما أنفق في السفل (قال المزني) قلت أنا الأول أولى بقوله لأن الثاني متطوع فليس له أخذه من غيره إلا أن يراضيه عليه (قال الشافعي) وإذا كانت لرجل نخلة أو شجرة فاستعلت وانتشرت أغصانها على دار رجل فعليه قطع ما شرع في دار غيره فإن صالحه على تركه فليس بجائز ولو صالحه على دراهم بدنانير أو على دنانير بدراهم لم يجز إلا بالقبض فإن قبض بعضا وبقى بعض جاز فيما قبض وانتقض فيما لم يقبض إذا رضى بذلك المصالح القابض وإذا أقر أحد الورثة في دار في أيديهم بحق رجل ثم صالحه منه على شئ بعينه فالصلح جائز والوارث المقر متطوع لا يرجع على إخوته بشئ ولو ادعى رجل على رجل بيتا في يديه
(١٠٦)