ويرمى البادئ بسهم ثم الآخر بسهم حتى ينفدا نبلهما وإذا عرق أحدهما وخرج السهم من يديه فلم يبلغ الغرض كان له أن يعود به من قبل العارض وكذلك لو انقطع وتره أو انكسرت قوسه فلم يبلغ الغرض أو عرض دونه دابة أو إنسان فأصابه أو عرض له في يديه ما لا يمر السهم معه كان له أن يعود فأما إن جاز السهم أو أجاز من وراء الناس فهذا سوء رمى ليس بعارض غلب عليه فلا يرد إليه وإذا كان رميهما مبادرة فبلغ تسعة عشر من عشرين رمى صاحبه بالسهم الذي يراسله ثم رمى البادئ فإن أصاب سهمه ذلك فلج عليه وإن لم يرم الآخر بالسهم لأن المبادرة أن يفوت أحدهما الآخر وليس كالمحاطة (قال المزني) رحمه الله: هذا عندي غلط لا ينضله حتى يرمى صاحبه بمثله (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا تشارطا الخواسق لم يحسب خاسقا حتى يخزق الجلد بنصله ولو تشارطا المصيب فمن أصاب الشن ولم يخرقه حسب له لأنه مصيب وإذا اشترطا الخواسق والشن ملصق بالهدف فأصاب ثم رجع فزعم الرامي أنه خسق ثم رجع لغلظ لقيه من حصاة وغيرها وزعم المصاب عليه أنه لم يخسق وأنه إنما قرع ثم رجع فالقول قوله مع يمينه إلا أن تقوم بينة فيؤخذ بها وإن كان الشن باليا فأصاب موضع الخرق فغاب في الهدف فهو مصيب وإن أصاب طرف الشن فخرقه ففيها قولان. أحدهما أنه لا يحسب له خاسقا إلا أن يكون بقي عليه من الشن طعنة أو خيط أو جلد أو شئ من الشن يحيط بالسهم ويسمى بذلك خاسقا وقليل ثبوته وكثيره سواء (قال) ولا يعرق الناس إذا وجهوا بأن يقال خاسق إلا ما أحاط به المخسوق فيه ويقال للاخر خارم لا خاسق والقول الآخر أن يكون الخاسق قد يقع بالاسم على ما أوهن الصحيح فخرقه فإذا خرق منه شيئا قل أو كثر ببعض النصل سمى خاسقا لأن الخسق الثقب وهذا قد ثقب وإن خرق قال وإذا وقع في خرق وثبت في الهدف كان خاسقا والشن أضعف من الهدف ولو كان الشن منصوبا فمرق منه كان عندي خاسقا ومن الرماة من لا يحسبه إذا لم يثبت فيه قال فإن أصاب بالقدح لم يحسب إلا ما أصاب بالنصل ولو أرسله مفارقا للشن فهبت ريح فصرفته أو مقصرا فأسرعت به فأصاب حسب مصيبا ولا حكم للريح ولو كان دون الشن شئ فهتكه السهم ثم مر بحموته حتى يصيب كان مصيبا، ولو أصاب الشن ثم سقط بعد ثبوته حسب وهذا كنزع إنسان إياه ولا بأس أن يناضل أهل النشاب أهل العربية وأهل الحسبان لأن كلها نصل، وكذلك القسي الدودانية والهندية وكل قوس يرمى عنها بسهم ذي نصل ولا يجوز أن ينتضل رجلان وفي يدي أحدهما من النبل أكثر مما في يدي الآخر ولا على أن يحسب خاسقه خاسقين والآخر خاسق ولا على أن لأحدهما خاسقا ثابتا لم يرم به ويحسب له مع خواسقه ولا على أن يطرح من خواسقه خاسقا ولا على أن خاسق أحدهما خاسقان ولا أن أحدهما يرمى من عرض والآخر من أقرب منه إلا في عرض واحد وعدد واحد ولا على أن يرمى بقوس أو نبل بأعيانها إن تغيرت لم يبدلها ومن الرماة من زعم أنهما إذا سميا قرعا يستبقان إليه فصارا على السواء أو بينهما زيادة سهم كان للمسبق أن يزيد في عدد القرع ما شاء ومنهم من زعم أنه ليس له أن يزيد في عدد القرح ما لم يكونا سواء ومنهم من زعم أنه ليس له يزيد بغير رضا المسبق (قال المزني) رحمه الله: وهذا أشبه بقوله كما لم يكن سبقهما في الخيل ولا في الرامي ولا في الابتداء إلا باجتماعهما على غاية واحدة فكذلك في القياس لا يجوز لأحدهما أن يزيد إلا باجتماعهما على زيادة واحد وبالله التوفيق (قال الشافعي) ولا يجوز أن يقول أحدهما لصاحبه إن أصبت بهذا السهم فقد نضلتك إلا أن يجعل رجل له سبقا إن أصاب به وإن قال ارم عشرة أرشاق فإن كان صوابك أكثر فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه وإذا رمى بسهم فانكسر فإن أصاب بالنصل كان له خاسقا وإن أصاب بالقدح لم يكن خاسقا ولو أنقطع باثنين فأصاب بهما جميعا حسب الذي فيه النصل وإن كان في الشن نبل فأصاب سهمه فوق سهم في الشن لم يحسب
(٢٨٨)