ملابس هيبته، فقاموا بين يديه مستغفرين، أنت الذاكر قبل الذاكرين، وأنت البادىء بالإحسان قبل توجه العابدين، وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب، ثم لما وهبت لنا من المستقرضين، إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل إليك، واجذبني بمنك حتى أقبل عليك، إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك، كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك، فقد دفعتني العوالم إليك، وقد أوقعني علمي بكرمك عليك، إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان وعليك متكلي، إلهي كيف أستعز وفي الذلة أركزتني، أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني، إلهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقراء أقمتني، أم كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني، وأنت الذي لا إله غيرك تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء، وأنت الذي تعرفت إلي في كل شيء، فرأيتك ظاهرا في كل شيء، وأنت الظاهر لكل شيء، يا من استوى برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته، محقت الآثار، بالآثار وموت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار، يا من احتجب في سرادقات عرشه عن أن تدركه الإبصار، يا من تجلي بكمال بهائه، فتحققت عظمته الإستواء، كيف تخفي وأنت الظاهر، أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر، إنك على كل شيء قدير، والحمد لله وحده.
(٢٨٣)