استرحم، يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون، ولا لحظ العيون، ولا ما استقر في المكنون، ولا ما انطوت عليه مضمرات القلوب، ألا كل ذلك قد أحصاه علمك، ووسعه حلمك، سبحانك وتعاليت عما يقول الظالمون، علوا كبيرا، تسبح لك السموات السبع، والأرضون ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد، وعلو الجد، يا ذالجلال والاكرام، والفضل والإنعام، والأيادي الجسام، وأنت الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم، أللهم أوسع علي من رزقك الحلال، وعافني في بدني وديني، وآمن خوفي، واعتق رقبتي من النار، أللهم لا تمكر بي، ولا تستدرجني، ولا تخدعني، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس.
ثم رفع الإمام الحسين (عليه السلام) رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنهما مزادتان وقال:
يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، السادة الميامين، وأسألك أللهم حاجتي التي إن أعطيتنيها، لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك فكاك رقبتي من النار، لا إله إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، يا رب يا رب.
وكان (عليه السلام) يكرر قوله: (يارب) فشغل من حوله عن الدعاء لأنفسهم،