نعم لو فرض كون الغناء موضوعا لمطلق الصوت الحسن كما يظهر من بعض ما تقدم في تفسير معنى التطريب توجه ما ذكراه بل لا أظن أحدا يفتي بإطلاق حرمة الصوت الحسن والأخبار بمدح الصوت الحسن وأنه من أجمل الجمال و استحباب القراءة والدعاء به وأنه حلية القرآن واتصاف الأنبياء والأئمة عليهم السلام به في غاية الكثرة، وقد جمعها في الكفاية بعد ما ذكر أن غير واحد من الأخبار يدل على جواز الغناء في القرآن بل استحبابه بناء على دلالة الروايات على استحباب حسن الصوت والتحزين والترجيع به.
والظاهر أن شيئا منها لا يوجد بدون الغناء على ما استفيد من كلام أهل اللغة وغيرهم على ما فصلناه في بعض رسائلنا انتهى.
وقد صرح به شرح قوله عليه السلام اقرأوا القرآن بألحان العرب أن اللحن هو الغناء، وبالجملة فنسبة الخلاف إليه في معنى الغناء أولى من نسبة التفصيل إليه بل ظاهر أكثر كلمات المحدث الكاشاني أيضا ذلك لأنه في مقام نفي التحريم عن الصوت الحسن المذكر لأمور الآخرة المنسي لشهوات الدنيا، نعم بعض كلماتهما ظاهرة فيما نسب إليهما من التفصيل في الصوت اللهوي الذي ليس هو عند التأمل تفصيلا بل قولا باطلاق جواز الغناء وأنه لا حرمة فيه أصلا، وإنما الحرام ما يقترن به من المحرمات فهو على تقدير صدق نسبته إليهما في غاية الضعف لا شاهد له يقيد الاطلاقات الكثيرة المدعى تواترها إلا بعض الروايات التي ذكراها منها ما عن الحميري بسند لم يبعد في الكفاية الحاقه بالصحاح عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الغناء في الفطر والأضحى والفرح، قال: لا بأس ما لم يعص به والمراد به ظاهرا ما لم يصر الغناء سببا للمعصية ولا مقدمة للمعاصي المقارنة له.
وفي كتاب علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح، قال: لا بأس ما لم يزمر به، والظاهر أن المراد بقوله ما لم يزمر به ما لم يلعب معه بالمزمار أو ما لم يكن الغناء بالمزمار ونحوه من آلات الأغاني، و رواية أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن كعب المغنيات، فقال: التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس لا بأس به، وهو قول الله عز وجل:
(ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)