الثانية عشر: الغش حرام بلا خلاف {1} والأخبار به متواترة نذكر بعضها تيمنا.
حرمة الغش {1} الثانية عشرة: لا خلاف بين الأصحاب في حرمة الغش.
وتنقيح القول فيها بالبحث في مواضع:
الأول: في بيان حكمه التكليفي.
الثاني: في بيان حقيقته.
الثالث: في بيان حكمه الوضعي.
أما الأول: فالأقوى هو حرمة الغش في نفسه كما هو المتفق عليه نصا وفتوى، فقد ذكر المصنف جملة من النصوص المتظافرة الدالة على ذلك وستمر عليك.
فما ذكره المحقق الإيرواني من أن الغش ليس بنفسه من المحرمات، وإنما يحرم من جهة انطباق عنوان الكذب وأكل مال الغير بلا رضى صاحبه عليه، مستندا إلى أنه لو لم يكن المحرم ذلك، فإما أن يكون المحرم شوب اللبن بالماء، ومن المعلوم أنه ليس ذلك من المحرمات، أو يكون عرض المشوب للبيع، ومن المعلوم أن مجرد ذلك ليس بحرام حتى إذا اتفق أنه لم يبع، أو يكون المحرم هو انشاء البيع، ومن المعلوم أن مجرد الانشاء ليس بحرام لو نبه بالغش قبل أن يقبض أو حط من ثمنه أو أبرأ ذمته من الثمن، أو خيره بين الأخذ والترك، فيتعين أن يكون الغش هو أخذ قيمة غير المغشوش بإزاء المغشوش.
غير صحيح، لأن ذلك كله، لا يعتنى به في مقابل ظاهر النصوص الدالة على حرمة الغش.
وإن شئت قلت: إن شوب اللبن بالماء لا يحرم لعدم صدق الغش عليه، كما أنه لا يصدق على مجرد العرض للبيع، وأما انشاء ا لبيع واعتبار ملكية المشتري للمغشوش بعنوان أنه غير مغشوش فهو حرام بمقتضى النصوص لكونه غشا، وعدم حرمته في صورة التنبيه إنما يكون لخروجه بذلك عن كونه غشا كما عرفت، وأما لو حط من الثمن، أو أبرأ ذمته منه، أو خيره بين الأخذ والترك مع كون البيع واقعا على المعنون بعنوان كونه غير مغشوش، فلا يؤثر في رفع الحرمة.