منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ١ - الصفحة ٢١٩
ثم إن الاستدلال المذكور إنما يحسن مع علم البائع بأنه لو لم يبعه لم يحصل المعصية لأنه حينئذ قادر على الردع، أما لو لم يعلم ذلك أو علم بأنه يحصل منه المعصية بفعل الغير فلا يتحقق الارتداع بترك البيع، كمن يعلم عدم الانتهاء بنهيه عن المنكر {1}.
____________________
وكيفية الاستدلال به: إن الظاهر منه كون وجه حرمة الجباية وحضور الجماعة:
أنهما يوجبان سلب الحق الذي هو محرم، فبعد إلغاء الخصوصية يكون المستفاد منه حرمة كل ما يوجب تركه عدم تحقق المعصية من الغير.
وفيه: إنه لا وجه لالغاء الخصوصية، مع احتمال أن يكون لسلب الخلافة الذي هو من أعظم المحرمات لكونه المنشأ والأساس لصدور سائر المنكرات خصوصية.
أضف إلى ذلك كله: إنه لو سلم كون دفع المنكر كرفعه واجبا وأغمض عن سائر الايرادات وسلمنا ثبوت حرمة بيع الشئ ممن يعلم أنه يصرفه في الحرام، كبيع العنب ممن يعلم أنه سيجعله خمرا، لكنه لا يدل ذلك على الحرمة مطلقا، وإن يقصد ذلك حين الشراء، لأن الأدلة مختصة بما إذا هم بالمعصية وأشرف عليها، ولا تشمل ما إذا كان سيهم بالمعصية وذلك.
فإن أدلة النهي عن المنكر النقلية قد عرفت اختصاصها بمن شرع في الحرام، وغاية ما يمكن أن يقال هو التعدي عن موردها إلى من همه الشروع فيه، فلا وجه للتعدي إلى من سيهم بالشروع فيه.
وأما دليل العقل: وإن أثبتنا في هذا الشرح تبعا للشيخ والعلامة والشهيدين و غيرهم من الأساطين أنه يدل على وجوب رفع المنكر ودفعه إلا أن المتيقن منه صورة الاشراف على الحرام.
وأما الخبر: فلأن قصد بني أمية سلب حق أولياء الله معلوم، مع احتمال الاختصاص بمورده كما عرفت.
{1} وملخص القول في المقام: إنه تارة نلتزم بأن الواجب إنما هو دفع كل فرد من أفرد المنكر بحيث يتعد الوجوب بتعدد أفراد المنكر، وأخرى نلتزم بأن الواجب هو دفع طبيعة المنكر، بمعنى أن الواجب هو حفظ وعاء الخارج من المنكر.
(٢١٩)
مفاتيح البحث: البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست