منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ١ - الصفحة ٢١٤
فمسألة بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا نظير إعطاء السيف أو العصا لمن يريد قتلا أو ضربا حيث إن الغرض من الاعطاء هو ثبوته بيده والتمكن منه، كما أن الغرض من بيع العنب تملكه له فكل من البيع والاعطاء بالنسبة إلى أصل تملك الشخص واستقراره في يده إعانة إلا أن الاشكال في أن العلم بصرف ما حصل بإعانة البائع والمعطي في الحرام هل يوجب صدق الإعانة على الحرام أم لا، فحاصل محل الكلام هو أن الإعانة على شرط الحرام مع العلم بصرفه في الحرام هل هي إعانة على الحرام أم لا، فظهر الفرق بين بيع العنب وبين تجارة التاجر ومسير الحاج {1} و أن الفرق بين إعطاء السوط للظالم وبين بيع العنب لا وجه له، وأن اعطاء السوط إذا كان إعانة كما اعترف به فيما تقدم من (آيات الأحكام) كان بيع العنب كذلك كما أعرف به في شرح الإرشاد فإذا بنينا على أن شرط الحرام حرام مع فعله توصلا إلى الحرام {2} كما جزم به بعض، دخل ما نحن فيه في الإعانة على المحرم فيكون بيعا لعنب إعانة على تملك العنب المحرم مع قصد التوصل به إلى التخمير، وإن لم يكن إعانة على نفس التخمير أو على شرب الخمر.
وإن شئت قلت: إن شراء العنب للتخمير حرام كغرس العنب لأجل ذلك، فالبائع إنما يعين على الشراء المحرم، نعم لو لم يعلم أن الشراء لأجل التخمير لم يحرم، وإن علم أنه سيخمر العنب بإرادة جدية منه، وكذا الكلام في بائع الطعام على من يرتكب المعاصي فإنه لو علم إرادته من الطعام المبيع التقوى به عند التملك على المعصية حرم البيع منه.
____________________
{1} قد عرفت أن الفرق بينهم، ليس في أن التاجر لا يقصد بتجارته وصول العاشر إلى أخذ العشور، ولا إلى مقدمة من مقدماته بخلاف بايع العنب، ولا أن بيع العنب إعانة على شرط الحرام المحرم بخلاف تجارة التاجر، بل إن تجارة التاجر من قبيل تهيئة الموضوع و بيع العنب من قبيل ايجاد مقدمة من مقدمات الفعل.
{2} ظاهر المصنف والمحقق النائيني، التسالم على حرمة مقدمة الحرام إذا أتى بها توصلا إلى الحرام، وإنما الكلام في أن منشأ هذا الحكم هل هو التجري، أو الملازمة بين حرمة الشئ وحرمة مقدمته.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست