المسلمين. ولا بد من ذكر هذين الشرطين في عقد الجزية لفظا ونطقا، فإن أغفل ذكرهما أو ذكر أحدهما لم ينعقد، لقوله - تعالى -: " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. " (1) والصغار التزام أحكام المسلمين وإجراؤها عليهم.
وأما ما يجب الكف عنه فعلى ثلاثة أضرب: ضرب فيه منافاة الأمان، وضرب فيه ضرر على المسلمين، وضرب فيه إظهار منكر في دار الإسلام. فذكر هذه الأشياء كلها تأكيد وليس بشرط في صحة العقد.
فأما ما فيه منافاة الأمان فهو أن يجتمعوا على قتال المسلمين، فمتى فعلوا ذلك نقضوا العهد، وسواء شرط ذلك في عقد الذمة أو لم يشرط لأن شرط الذمة يقتضي أن يكونوا في أمان من المسلمين والمسلمون في أمان منهم.
وأما ما فيه ضرر على المسلمين يذكر فيه ستة أشياء: ألا يزني بمسلمة ولا يصيبها باسم نكاح، ولا يفتن مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق، ولا يؤوي للمشركين عينا، ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتب كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم، فإن خالفوا شرطا من هذه الشرائط نظر فإن لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد لكن إن كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد فإن لم يوجبه عزر. وإن كان مشروطا عليه في عقد الذمة كان نقضا للعهد لأنه فعل ما ينافي الأمان.
فأما إذا ذكر الله - تعالى - أو نبيه بالسب فإنه يجب قتله ويكون ناقضا للعهد...
وأما ما فيه إظهار منكر في دار الإسلام ولا ضرر على المسلمين فيه فهو إحداث البيع والكنائس وإطالة البنيان وضرب النواقيس وإدخال الخنازير وإظهار الخمر في دار الإسلام، فكل هذا عليه الكف عنه، سواء كان مشروطا أو غير مشروط فإن عقد الذمة يقتضيه، وإن خالفوا ذلك لم ينتقض ذمته، سواء كان مشروطا عليه أو لم يكن لكن يعزر فاعله أو يحد إن كان مما يوجب الحد.
وقد روى أصحابنا أنهم متى تظاهروا بشرب الخمر أو لحم الخنزير أو نكاح