نعم، لو فرض تعليق الحكم على عنوان آخر أخص لم يسر منه إلى مطلق الباغي.
وصدق عنوان المحارب على مورد خاص لا ينافي صدق عنوان الباغي أيضا، فيكون مجمعا للعنوانين ومحكوما بحكمين، ونظائره في الفقه كثيرة.
وابن ملجم في بادئ الأمر كان باغيا وجب قتاله، ولكن بعد القبض عليه صيرورته تحت اختيار الإمام (عليه السلام) كان للإمام العفو عنه، حيث كان هو المبغى عليه، فتدبر.
وكيف كان فلا خلاف بين المسلمين في وجوب قتال الباغي إجمالا، وأن التأخر عنه كبيرة من الكبائر. والحروب الثلاث التي اتفقت لأمير المؤمنين (عليه السلام) في البصرة صفين والنهروان كانت من هذا القبيل، ولكن لسنا نحن هنا بصدد البحث في وجوب قتال البغاة وشرائطه، فإن له محلا آخر، بل نريد هنا البحث في بعض آثاره توابعه الشرعية.
فنتعرض لمسألتين:
الأولى: حكم المدبر والجريح والمأسور منهم. الثانية: حكم النساء والذراري حكم أموالهم مما حواها العسكر وما لم يحوها. ولا يخفى أن الموضوع في المسألة الأولى ليس أمرا ماليا ولكن لشدة الارتباط بين المسألتين نبحث فيها استطرادا.
المسألة الأولى: في حكم المدبر، والجريح، والمأسور منهم:
فهي في الحقيقة ثلاث مسائل جعلناها واحدة لتشابكها رواية وفتوى:
1 - قال الشيخ في كتاب الباغي من الخلاف (المسألة 4):
" إذا ولى أهل البغي إلى غير فئة، أو ألقوا السلاح أو قعدوا أو رجعوا إلى الطاعة حرم قتالهم بلا خلاف. وإن ولوا منهزمين إلى فئة لهم جاز أن يتبعوا ويقتلوا، وبه قال أبو حنيفة وأبو إسحاق المروزي. وقال باقي أصحاب الشافعي: إنه لا يجوز