سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يسأل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " هم منهم. " وزاد عمرو بن دينار عن الزهري: " هم من آبائهم. "...
قال الشافعي: فكان سفيان يذهب إلى أن قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " هم منهم " إباحة لقتلهم وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له. قال (أبو عبد الله): وكان الزهري إذا حدث بحديث الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب بن مالك. (1) أقول: المستفاد من حديث التبييت هو أن الضرورة في الحرب إن أدت إلى التبييت جاز الإقدام عليه وإن استلزم تلف بعض النساء والولدان قهرا، فلا يدل على جواز التعمد لقتلهن.
المسألة الثانية: في حكم الأسارى البالغين من الكفار:
وقد مر أن فقهاءنا الإمامية فرقوا فيها بين ما إذا كانت الحرب قائمة وبين غيره:
1 - قال الله - تعالى -: في سورة الأنفال: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. " (2) 2 - وقال في سورة محمد: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها. " (3) فظاهر الآيتين عدم جواز إبقاء من أسر قبل إثخان العدو.
3 - وفي المجمع في تفسير الآية الثانية قال:
" واختلف في ذلك: فقيل: كان الأسر محرما بآية الأنفال ثم أبيح بهذه الآية، لأن هذه السورة نزلت بعدها. فإذا أسروا فالإمام مخير بين المن والفداء بأسارى المسلمين وبالمال وبين القتل والاستعباد، وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد بن إسحاق.