بيان مفاد الآية الشريفة:
وقال الله - تعالى -: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. الآية " (1).
وقد مر في أول البحث بيان صدر الآية، فراجع.
وأما قوله: " فأن لله خمسه... " ففيه بالنظر البدوي احتمالان:
الأول: أن يراد به التقسيم والتسهيم، فيكون المراد تقسيمه ستة أسهم، كما عليه المشهور من أصحابنا، أو خمسة أسهم بجعل سهم الله والرسول واحدا كما قال به بعض، ويدل على هذا الاحتمال ظواهر كثير من الأخبار أيضا.
الثاني: أن يراد به الترتيب في الاختصاص، بتقريب أن الخمس بأجمعه حق وحداني جعله الله - تعالى - لمنصب الإمامة والحكم، وحيث إن الحكم يكون أولا بالذات لله - تعالى -، مالك الملك والملكوت (إن الحكم إلا لله) (2) وقد جعله الله تعالى للرسول بقوله: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " (3) وجعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لذي القربى كما يشهد بذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم: " من كنت مولاه فعلى مولاه " (4) فلا محالة يكون الخمس بأجمعه أولا وبالذات لله - تعالى -، وفي طول ذلك بأجمعه للرسول، وبعده لمن قام مقامه من ذوي قرباه، إماما بعد إمام، على ما هو معتقدنا في الإمامة.
وأما قوله: " واليتامى " وما بعده فحيث لم يدخل عليه لام الملك والاختصاص فلا اختصاص للخمس بهم وليس ملكا لهم، وإنما يكونون من قبيل المصارف، وقد