كلها، ليست من الأملاك الشخصية للرسول أو الإمام، بل هو والناس فيها سواء.
وليس له أن يتصرف فيها جزافا أو يهبها لمن أراد بلا ملاك، بل الملاك هو رعاية المصالح العامة في كل مورد، وليس للناس الاعتراض عليه.
ومن جملة المصالح العامة المهمة تأليف القلوب وجذب الرجال والنساء ولا سيما أهل الشوكة منهم إلى قبول الحق والتسليم له ورفع شرهم وأذاهم وحفظ الموازين الأخلاقية والعاطفية التي يهتم بها العقلاء في نظامهم.
فإن بقي منها شيء أخذ منها الخمس لأهله ولما يمكن أن يواجهه الإمام من الحاجات في المستقبل وقسم البقية بين المقاتلين حسب ما حكم به الشرع المبين. إنما يؤخذ منها الخمس بعد لحاظ تعلقها بالمقاتلين وكونها غنيمة لهم وإرادة تقسيمها بينهم.
وبالجملة، قد كانت العرب تعد الغنائم ملكا للمقاتلين وحقا طلقا لهم، بل ربما كان الاغتنام هدفا أساسيا لهم في المقاتلات والحروب فكانت تغير قبيلة على قبيلة بداعي اغتنام الأموال وسبي الذراري والنساء، وبذلك ساءت أخلاقهم، وقد أراد الله - تعالى - أن يكون بسط التوحيد والعدل هدفهم ومغزاهم، فجعل بإنزال آية الأنفال الغنائم تحت اختيار الرسول والإمام، فهو الذي يتصرف فيها حسب المصالح العامة قد يقسمها بينهم، فتدبر.
ليس بين آية الأنفال وآية الخمس تهافت وليس في البين نسخ:
ولا تهافت بين كون الأنفال لله والرسول وبين تعين المصارف من قبل الشرع المبين ومنها التخميس والتقسيم بعد الجعائل والنوائب. إذ ليس كونها للرسول أو الإمام إلا بمعنى كونها تحت اختياره وتدبيره وأنه المتصرف فيها ولو بالتقسيم:
فقد مر في قصة غنائم حنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " والله مالي من فيئكم