سبقته كبني إسرائيل واليونان والرومان والبيزنطيين والفرس، وكان أول من سن الجزية من الفرس كسرى أنوشروان، وهو الذي رتب أصولها وجعله طبقات، إذن فالحالة العامة بين الأمم كانت تألف نظام الجزية والإسلام أقر ذلك فقط. " (1) وراجع في هذا المجال تفسير المنار أيضا. (2) وكم فرقا بين ما أقره الإسلام وبين ما كان يضعه الفاتحون على الأمم المغلوبة المقهورة، كما هو واضح.
وبالجملة فيظهر من الأخبار والسير أن الجزية كانت ضريبة بتة عادلة يأخذها إمام المسلمين من أهل الكتاب عوضا عن الزكوات والأخماس التي كانت تؤخذ من المسلمين. والدولة لا مناص لها من الأموال التي بها يقوم الملك وتدار شؤونه وبها يدفع عن البلاد والعباد.
قال في تفسير المنار:
" إن الجزية في الإسلام لم تكن كالضرائب التي يضعها الفاتحون على من يتغلبون عليهم فضلا عن المغارم التي يرهقونهم بها، وإنما هي جزاء قليل على ما تلتزمه الحكومة الإسلامية من الدفاع عن أهل الذمة وإعانة للجند الذي يمنعهم أي يحميهم ممن يعتدي عليهم كما يعلم من سيرة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم أعلم الناس بمقاصد الشريعة وأعدلهم في تنفيذها، والشواهد على ذلك كثيرة أوردنا طائفة منها في تفسير الآية. " (3) وقال أستاذه الشيخ محمد عبده في بعض مقالاته ما ملخصه:
" قالوا: إن الدين الإسلامي دين جهادي شرع في القتال، وفي طبيعته روح الشدة على من يخالفه وليس فيها الصبر والمسالمة اللذان تقضي بهما شريعة المسيح حيث ورد فيها: " من ضربك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن. " " من سخرك