الجهة الثانية:
في مصرف الخراج:
أقول: يظهر مما مر في أوائل فصل الفيء والأمور الخمسة التي ذكرناها - من كون الفيء بأجمعه للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعده للإمام بما هو إمام وكونه تحت اختياره، وأن له أن يصرفه في كل ما تقتضيه شؤون الإمامة ومصالح المسلمين - أن الخراج أيضا كذلك، لأنه أحد مصاديق الفيء. ومما مر هناك في هذا المجال خبر عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الغنيمة، قال: " يخرج منه الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك. وأما الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). " (1) ونضيف هنا أن الأراضي التي تكون للإمام بما هو إمام فحكمها واضح إذا يكون خراجها لا محالة تحت اختياره. وأما ما كانت للمسلمين بما هم مسلمون كالمفتوحة عنوة أو صلحا على أن تكون لهم فيدل على صرف خراجها في مصالحهم مرسلة حماد الطويلة التي عمل بها الأصحاب في الأبواب المختلفة:
ففيها بعد ذكر تقبيل الإمام للأراضي المفتوحة عنوة قال: " ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل لا كثير. " (2) وقوله (عليه السلام): " ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير " لعله يراد به عدم كونه ملكا لشخص الإمام والوالي أو عدم تعلق الخمس به للإمام، وإلا فإدارة شؤون الوالي وسد خلاته أيضا من أهم المصالح العامة التي تنوبه.