الخمس حق وحداني ثابت لمنصب الإمامة:
ولكن قد مر منا في تفسير الآية الشريفة احتمال آخر قوي في نفسه، وهو أن يراد بها الترتيب في الاختصاص لا التقسيم والتسهيم، بتقريب أن الخمس حق وحداني جعل لمنصب الإمامة والحكم. وحيث إن الحكم يكون أولا وبالذات لله - تعالى -، من قبله - تعالى - جعل للرسول حق الحكم، ومن قبل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل لذي القربى في غدير خم فلا محالة يكون الخمس بأجمعه أولا وبالذات لله - تعالى -، وفي الرتبة المتأخرة يكون بأجمعه للرسول بما أنه خليفة الله في الحكم، وبعده للإمام القائم مقامه. ومثله الأنفال أيضا.
لا أقول: إنهما لشخص الإمام، بل أقول: إنهما لمنصب الإمامة، نظير ما يحكم على الأموال العامة أنها للدولة والحكومة. وأما الأصناف الثلاثة فلا ملكية لها لا اختصاص بل هي مصارف له، ولذا لم يدخل عليها اللام لا في آية الخمس ولا في آية الفيء.
ويشهد لهذا الاحتمال سياق الآية وأخبار كثيرة:
أما الآية فأولا من جهة أنه - تعالى - أدخل لام الاختصاص على اسمه الشريف على كل من الرسول وذي القربى، دون الأصناف الثلاثة، وظاهر اللام الاختصاص التام والملكية المستقلة.
ومقتضى ذلك اختصاص جميع الخمس بالله - تعالى - مستقلا وبالرسول كذلك بذي القربى كذلك ولا محالة يكون ذلك طويلة مترتبة.
وأما الأصناف الأخر فلا اختصاص بهم ولا ملكية لهم وإنما هم مصارف محضة، فيرتزقون من ميزانية الحكومة والإمامة لكونهم من بيتها ومن شؤونها، وبذلك يفترقون عن سائر الفقراء، حيث إنهم يرتزقون من أموال الناس وصدقاتهم.